وفي يوم الاثنين ثاني عشر الشهر خلع على قاضى القضاة بذلك فتوجّه إليه للتدريس، وحضر ذلك المقام الشريف الناصري محمد ولد الملك الظاهر [جقمق] والقضاة وجميع أركان الدولة، وكان مجلسا عظيما؛ وقع الكلام فيه على خطبة الرسالة للشافعي، فذكر نسبه وما يسعه ذلك الوقت من مناقبه وغير ذلك.
*** ومدحه الشهاب أحمد بن صالح بقصيدة طنانة وأشار فيها إلى الرؤيا.
سمعتها من لفظه، وهي:
لواحظه تجنى، وقلبي يعذّب … ولا سلوتى عنه ولا الصبر يعذب
غزال بجفنيه من السّقم كسره … على أخذ أوراح البرية تنصب
غرير، كحيل الطّرف، أسمر، أحور … أغنّ، رخيم الدّل، ألعس أشنب
إذا ما بدى أو ماس، أو صال أو رنا … فبدر، وخطّى، وليث، وربرب
خذوا حذركم إن طال كاسر جفنه … فكم صاد قلبي منه بالهدب مخلب
هو الشمس بعدا في المكان وبهجة … ولكنه عن ناظرىّ محجّب
تعشّقته حلو الشمائل أغيدا … يكاد بألحاظ المحبّين يشرب
وأسكنته عيني التي الدّمع ملؤها … وهيهات يرضيه خباها المطنّب
عجبت لماء الحسن فاض بخدّه … على أنّ فيه جمرة تتلهّب
وأعجب من ذا أنّ نبت عذاره … بأحمر تلك الحمر أخضر مخضب
لئن كان منه الوجه أصبح روضة … ففيه رأيت الحسن وهو مهذّب
وإن كنت يا قلبي سعيدا بحبّه … فإنّ عدولي في هواه المسبّب
وإن طاب في وصف الغزال تغزّلى … فإنّ ثنا قاضى القضاة لأطيب
هو المشترى بالجود بيتا من العلا … يبيت السّها ساه له يتعجّب