ادعى بحضوري أن القاضي [قال] له أن يسقط جميع التعاذير، فسأله بعض المالكية: أيقول هذا نقلا أم بحثا؟، فقال: بل نقلا، فقال: ندع التعاذير في حقوق الله ونسأل عن حقوق الآدميين، كيف يسوغ أن يطالب الآدمي بحقه فيسقطه القاضي؟، فقال نعم، يسقطه القاضي، فقال [المالكي] له: وما وجهه؟، فقال: «أتريدون أن تبطلوا مذهب الشافعي؟ «فخافوا من حدوث فتنة فتركوه، فطالبته أنا بوجه (٦٩٤) ذلك فقال: «هكذا قال الأصحاب».
فقلت:«الأصحاب لا يقولون شيئا إلا بعد تعقل معناه، فما مستندهم في هذا؟، فقال: «القاضي قائم مقام الشرع»، فضحك الحاضرون من هذا القول المهمل.
*** وادعى في ذلك المجلس أيضا أن الجار له أن يمنع جاره من التصرف في ملكه بما ينقص نوره أو يسد عليه الهواء أو يدخن عليه، ونحو ذلك، فرددت عليه، وأحضرت له المنهاج قرئ عليه، وأنّ الأصح أن له أن يتخذ دكانه في سوق البزازين وكان حدادا، فلم يرجع.
وله في مثل ذلك أمور كثيرة لا يتوقف على القضاء بها وهو يتكلم فيها من جهة القضاء وغيره، فاللّه تعالى يوفقنا وإياه إلى ما يرضيه، أو يعجل له قضاء الموت ليستريح الناس منه. آمين.
وورد على قاضى القضاة شيخ الإسلام أبى الفضل شهاب الدين أحمد بن حجر الكناني العسقلاني الشافعي سؤال منظوم، معناه أن ورثة اقتسموا مال مورثهم قبل وفاء دينه وفيهم عاصب طالبه صاحب الدين فقال:«لا أعطى إلا ما يخصني»، وكانوا عالمين بالدين فأجاب ببيت واحد جمع فيه المقاصد وهو:
لصاحب الدّين أخذ الدّين أجمعه … من عاصب حاز قدر الدّين في طلق