للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مراداتك فلم يسكت إلّا بفراغ الطرس، أو نفاذ النفس، فعلمت أن باعي عن مقاومتكم ضئيل، وطرف شعري بأشعّة جواهركم كليل، والاعتراف إنصاف، والاغتراف من بحر مساجلتكم تلاف، وقد قلت معتذرا:

رأيت صدرك بحرا جلّ جوهره … ولم أجد ببحور الشعر لي سفنا

وعاين العبد من يدنو للّجته … غرقى فعاد لبرّ العجز قد سكنا

وأرسلت ذلك إليه فأعاد الجواب مفيضا له من بحره العباب بقوله:

بعثت يوم الثلاثاء نظمك الحسنا … كخادم كم وكم قلّدته مننا

رآه درّا غنيّا ما أعدّ له … لما يؤمّله إلا الدعا ثمنا

دعا إلى الله ربّ العرش يرفعه … مع ما يضاف إليه من جميل ثنا

ثنا كأنّ شذاه حين ينشقه … مسك فتيت بماء الورد قد عجنا

وطيب ذكر حديث عنك يسنده … عن كل صادق قول، قال: حدّثنا

وكم روى عنك من وافاك مبتغيا … جدواك من خبر في الجود صحّ لنا

وكم أغثت لهيفا لا مغيث له … وكم أعنت ضعيفا ذدت عنه عنا (٣٧)

وكم غرست من المعروف من شجر … جنيت منه بحمد اللّه خير جنا

تقوم مع كل مظلوم ومضطهد … بين الأنام بعزم قطّ ما وهنا

لا زلت في نعم ينهلّ وابلها … في غبطة وسرور دائم وهنا

ما لاح وجه جميل للصباح وما … هبّ النسيم بروض مزهر ورنا

وما شدت ذات طوق قال سامعها … لا شكّ عندي أن الموصلىّ هنا

المملوك (٣٨) إبراهيم يقبل الأرض وينهى أن الولد مبارك حضر وعلى يده مثال كريم، بل عقد نظيم، بل روض بسيم، هبّ عليه نسيم، فتناوله بيمينه، ووضعه على جبينه، وتنزّه في رياض بلاغته، ورأى ذهب أدب عجب من حسن صناعته وصادف وصوله إليه ووروده عليه حين خرج من الحمام وهو محرور إلى الراحة مضرور، فتعذّر عليه الجواب في تلك الحالة، مع ما عنده من الفتور والملالة، ولم يجد إلى النشاط سبيلا، فلما استراح


(٣٧) في تونس والسليمانية: زاد.
(٣٨) الكلام هنا لا يزال للمترجم له: إبراهيم بن أحمد الباعوني، وقد نعت نفسه بالمملوك تواضعا.

<<  <  ج: ص:  >  >>