للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال صاحب الترجمة إنه ذهب بفضل اللّه وتوفيقه إلى الجهاد مرتين في البحر ثم حجّ، وكان ينفق ممّا رزقه الله تعالى غير مسرف ولا مقتّر، فرزقه الله هيبة بين الناس وثناء جميلا، وحصل له فتح ما كان يظنه وهو نظم السيرة على طريق المدح في روىّ واحد في سبعمائة بيت، ثم «مناسبات نظم القرآن» ولم يسبق إلى ذلك، ونظم الشعر الكثير على طريق العرب الأول بجمعه ديوانه المسمّى «إشعار الواعي بأشعار البقاعى»، يصدقه في ذلك قصيدته التي مدح النبىّ وهي:

دمعي ينمّ على فؤادي المغرم … فلأبدلنّ به [مسبلا (١٩٥)] من دمى

فأنا القتيل بحبّه من أحببته … وقد اصطفيت فلا يلمنى لوّمى

من ذا ينازعني الغرام وقد رأى … شربى لأبحره، فما ملأت فمي

فأبو الغرام أنا بجدى حزنه … وبه علوت على محلّ الأنجم

قد ذاب جسمي في معاناة الهوى … واندقّ في ثقل الصبابة أعظمى

فبقيت روحا جرّدت عن جسمها … مذ حلّلت لطف الهوى المستحكم

فيها لأنواع الجحيم تضرّم … يعلو مداه على السحاب المظلم

حلو على ما فيه من ألم الجوى … فاعجب لحلو في المذاقة مؤلم

قد جبت أقطار الصبابة مرضعا … وغدا بها زمن الشباب مخيمى

قد صار تيه العشق موطني الذي … فيه ربيت ومنه ابعث فاعلمى

وبقفرة أحببت دهري كله … أرد الرياض وكلّ صاف منعم

وبكل واد قد سلكت لدره … برق يفوق على اللهيب المضرم

تأتى إلى الأبصار منه أشعة … هي في عيون الغير مثل الأسهم

لا يستطيع جوازه إلّا فتى … قدماه قد رسخت بأصل محكم

يدعى على طول الزمان متيّما … لا يستجيز نداء غير متيّم

يمتصّ كاسات الهوى مستحليا … لو أنّ فيها مثل طعم العلقم

عزّت فليس فتى ينال وصالها … حتى يريق دموعه كالعندم

مستحليا من درّه مستحلبا … من دره، إذ كان حلو المطعم


(١٩٥) في السليمانية وتونس: «سولا».

<<  <  ج: ص:  >  >>