للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن غرر نظمه قصيدة يائية مدح بها سيدي يحيى بن أمير المؤمنين المستعين بالله العباس لطف الله به، أولها «إلى كم يفوت الحظ من رتبة عليا، وهي تزيد على أربعين بيتا.

وأجود نظمه الرثاء والحماسة، يبين ذلك قوله وقد دعاه شخص من أصحابه إلى شئ فيه كسر للنفس لكنه يقترن بالموت «يا من يكلّفنى بالذلّ والملق» إلى آخرها، ويوضّحه قوله من قصيدة يرثى بها أقاربه:

كم ماجد دارت عليه الدائرة … ولطالما استجلى كئوسا دائره

ولطالما قطع اللّيالى ضاحكا … بين العيان ومقلتاه ساهره

هذا الذي أضحى الزمان لقلبه … عبدا فما شا يروم وغادره

وقف الأهلّة والبدور تراه ما … ينفكّ بين مسامر ومسامره

شقته من أيدي المنايا أسهم … عمرت به بعد القصور مقابره

وسقته من صرف الكؤوس معتقا … لو صبّ في الدنيا لأضحت دائره

ما أضحكت دار الغرور منعما … إلّا وأبكت بالدّماء نواظره

لم تبق جبارا ولا مستضعفا … إلا أبادت جمعه وعشائره

عاطت بنى حسن صروف الحتف ما … ما أبقت فتى إلّا أتته غادره

كانت منازلهم صحائف غرّة … وهمو سطور للندى متوازره

عبثت بهم أيدي المنايا فامّحوا … فعلى ضرائحهم سحائب هامره

انظر بنى الشمس الأمور أبادهم … ملك العباد فهم عظام ناخره

وبلاهم حين (٢١٢) البريّة بعد ما … روّى الأعادى من كئوس حائره

أسقى السيوف دماءهم حتى انثنت … عن حوض ذاك الحوض إلا صادره

وكذا الرباط القسور البطل الذي … كان الزمان يراه فردا نادره

وكذا تغيب ذلك الشهم الذي … كانت تخاف العالمون بوادره

كان العظيم رماده فدياره … مأوى الضيوف، بكلّ خير عامره

سل عنه من ورد البقاع مسافرا … ينبيك، أو سل جاره أو زائره


(٢١٢) في تونس: «حسن».

<<  <  ج: ص:  >  >>