يا لهف نفسي والتلهّف قاتلي … لو كان ساعده الزمان وظاهره
يا صاح إن أنفقت عمرك في البكا … وعلت مدامعك السحاب الهامره
ونسيت أولاد الرباط فأنت قد … مرّت دهورك في صناع مشاعره
كانوا صناديد الوجوه وروحه … كانوا أسودا في البقاع أكاسره
كانوا معادن للنّدى وأكفّهم … كانت سحابا أو بحارا زاخره
برك الزمان على حماهمو فانثنوا … صرعى كأعجاز النخيل الناخره
وأرتهموا (٢١٣) سحب السيوف بروقها … ورعودها فإذا همو بالسّاهره
فصل الذي أوصى لهم أوصالهم … بالبيض إذ ظنت سيوف باتره
لهفى وهل يغنى التلهّف والبكا … أو ينفع التّذكار من يك ذاكره
صبرا على جور الزمان وعزله … هل يدرك الجزع الهلوع بشائره
فسقى الغمام ضرائحا غمرتهمو … أيدي الحمام، بأهل ودّى ماطره
وحباهم الرحمن ﷻ … جنات عدن في رياض ناضره
يا رب في الأولى سترت عيوبهم … فاغفر لم ما قدّموا في الآخرة
*** والقصيدة التي رثى بها أقاربه أيضا شاهدة بذلك، منها:
أسفى على تلك الوجوه يطول … وجفون عيني بالدموع همول
تجرى بأخدود الخدود كأنّها … من عظم ما غاصت بهنّ سيول
من كلّ أروع سيفه في كفّه … يتخطّف الأرواح وهو صقيل
ولهم بها كرّ وفرّ دركه … يرتدّ عنه الطّرف وهو كليل
سهرت بها بيض الصّفاح فكان من … سمر الرماح الجرح والتذييل
يا جمرة رقدت لحين أحبّتى … وعلا ذكاها والفؤاد عليل
هلّا حفظت لنا عهودا أحكمت … أحكامها وتكمّل التسجيل
تلك البليّة لا بليّة مفضل … أمسى حمى الأموال عنه يزول
(٢١٣) في تونس: «أرتهم»