في الفقه وسمع منه، وأخذ عن الشيخ زين الدين عبد الرحمن الأبوتيجى (١٠٠) الفرائض والحساب فتقدم فيها، وكان يتنقل تارة بمنوف وتارة بالقاهرة، وتولع بالشعر حتى طارح الأدباء وعرف بينهم، وحل الأقفال ونظم الكثير، وشعره في درجة المقبول وأحسنه المقاطيع، ونثره أحسن من نظمه. وصف شيخنا أستاذ العصر أبو الفضل قاضى القضاة ابن حجر بعض قصائده «بعدم تمكن القوافي» فسمع بذلك فرده بكلام من لم يفهم ما معنى تمكن القافية.
ومطولاته كلها-أو جلها-كثيرة الحشو لا سيما في القوافي، وهو لا يعلم من أدوات الأدب إلّا بعض غريبه، ولا عبرة بعلم العروض، فربما وقع له من قافية إلى أخرى، وذهنه متوسط، وعنده إعجاب مفرط، وزهو مانع.
وفهمه قصير بالنسبة إلى دعواه العريضة وبه طيش، وهو على طريقة شيخه النواجى في ثلب الأعراض، والولع بالأحداث، والتشنيع بما لم يعط وبغض الناس له على ذلك، قلّ أن صحب أحدا إلّا آذاه بكلامه أو هجائه.
أنشدني كثيرا من نظمه، وكنت أصلح له بعض القوافي.
وأنشدني من نظمه يوم الأربعاء ثالث عشرين ربيع الآخرة سنة ثمان وثلاثين في مليح منجم (اسمه وفا).
لمحبوبى المنجّم قلت يوما … فدتك النفس يا بدر الكمال
برانى الهجر فاكشف عن ضميري … فهل يوما أرى بدري وفى لي؟
وأيضا في صدر رسالة:
ولما بكيت الدمع بعدك والدما … ولم يبق في عيني الجريحة ما يجرى
أهلت من التقريح أسودها وقد … كتبت به لمّا افتقرت إلى الحبر
(١٠٠) الضوء اللامع ج ٤/ ٣٠٩ ص ١١٥ أنه ولد سنة ٧٧٩ وتوفى ليلة الاثنين ثالث عشرى شوال سنة ٨٦٤.