يطوون بالعزم برد البرد حيث غدا … لهم من اللّه بالغفران منشور
بكل وجنا باسم الله قد برزت … علامة وكتاب الركب مسطور
آثار ميسمها فوق الثرى قمر … وقلبها بشعاب الحىّ مقمور
بعد أمالها شوق قد اقتصرت … على هواه فممدود ومقصور
في كل منزلة بتنا يلوح لنا … بروق بشر ذراها العطر مقطور
تبارك اللّه كم شاهدت من وطن … له من اللّه تعظيم وتوقير
استقبل الكعبة العظمى ولي طرب … حيث السّتور وتمجيد وتطهير
أطوف منها بأركان معظمة … لها على الحىّ والأكوان تعطير
لله حجر بذاك البيت أو حجر … ما للهنا عنه حجر قط محجور
أصبح للمحسن المولى بكل دعا … عاد له سند في الفضل مأثور
وفي منى جمرات مالها ثمن … لكن لها في حشا الشيطان تسعير
نذرت في عرفات إذ وقفت بها … نذرا صحيحا له بالحق توقير
إن زرت قبر رسول اللّه شافعنا … ليجعلن لخدى فيه تعفير
طاب السّرى ونزلنا طيبة سحرا … وطيب سعى من الرحمن منثور
وفيت بالنّذر ملهوفا على ثقة … أن التراب بعيني منه تنوير
وصحت: يا خير خلق الله كلّهمو … يا من له علم بالفضل منشور
يا من أتته وحوش البرّ واعتذرت … بنطقها، قبلت منها المعاذير (٢٦٣)
فقال للبعض منها: من أنا؟ شهدت … أنت الرسول وهل في الحق تنكير
يا من إذا سار في حرّ تظلّله … سحب الغمام وللهيجاء تهجير
يا من دنا وتدلّى واجتلى ورأى … وداس فرش بساط الأنس، مأمور
يا من بآي كتاب الله ممتدح … فيه لقدرك تبجيل وتوقير
يا شافع الخلق يوم الحشر إذ يئسوا … وللحساب مناقيش وتحرير
أنت الذي لأولى التّقديم متصف … وما لفضلك في الدارين تأخير
يا خير من أرتجى دنيا وأخرة … حبىّ لجاهك يوم العرض مذخور
من زار قبرك زالت عنه غمّته … وما لعضو هناه قط تكدير
(٢٦٣) وردت بتونس: «المقادير».