للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو حسن المعاشرة، غزير الحفظ لأيّام العرب وأشعارهم، كثير المخالطة للموجودين منهم والحفظ لكلامهم، وكنا كثيرا نتحادى في ذلك، وحصلت بيننا مودّة، ثم تأكدت إذ حججت سنة ثمان وأربعين، وأنشدني البيتين السابقين من نظمه.

وأنشدني أيضا ما قاله وقد فارقنا الحضرة الشريفة النبويّة: فاضل دمشق

صلاة وتسليما وأزكى تحية … على قبر خير الخلق من عبد رقّه

عبيد حقير، مذنب، متشفّع … إلى الله بالمختار أكرم خلقه

لزلاته تمحى وستر عيوبه … وفي حفظ أهليه وتوسيع رزقه

وأن يستر المولى عليهم جميعهم … وأن يجعل التوحيد آخر نطقة

وأنشدني-يشتكى جفاء من بعض أقاربه-مواليا، وفيه لزوم ما لا يلزم:

يا مالك الملك ربّ الأرض والتمكين … أمنن بفضلك على مستضعف مسكين

من معشر عن حسدهم غير منفكّين … لو مكنوا مكّنوا من نحره السكين

وكان الفخر المرشدى أوسع أقاربه رزقا وأحظاهم عند الأكابر، فكانوا يحسدونه فلا يزالون يؤذونه، واتّفق أن شارك بعض الأراذل في بستان في الطائف وعجّل له ما يخصّه من المال فلما ذهب إليه وأنا بصحبته وأظهر المنّة عليه بمشاركته فارقه، وتذكر قول بعض شعراء الحماسة:

نزلت على آل المهلّب شاتيا … غريبا عن الأوطان في زمن محل

فما زال بي إكرامهم وافتقارهم … وألطافهم حتّى حسبتهموا أهلي

فقال الفخر، [وقد] أنشدنيه من لفظه:

رحلت إلى شرك بن درزة صانها … غنيا بمالي عن قراه على فضل

وأوطانه حدى بخوف ملامة … ولم آله نصحا وصبرا على الجهل

فما زال يؤذيني ويمتن صحبتي … ويغمضى حتى لقد خلته أهلي

وإنما قال «ابن درزة» لأن العرب تقول ذلك لإسقاط الناس.

<<  <  ج: ص:  >  >>