للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الملوك فمن دونهم، وعلى ذكره رونق وأنس زايد، لا يترك جماعته يصنعون شيئا ممّا يصنعه المتصوّفة من الصّياح والعجلة ونحو ذلك مما يظهرون به التواجد والغياب عن الحس.

وله قدرة على إبداء ما في نفسه بعبارة غالبها مسجوع، وله نظم فيه الجيّد، وسمع الحديث على شيخنا الزين عبد الرحمن (٣٤٦) القبابى القدسي والشمس الديري الخليلي وغيرهما.

حكى لي قال: «كان بعض الأصدقاء يشير علىّ بقراءة كتب ابن عربى وأنظارها وبعض يمنع ذلك، فاستشرت الشيخ يوسف الإمام في ذلك فقال: «اعلم يا ولدى وفّقك اللّه تعالى أن هذا العلم المنسوب إلى ابن عربى ليس هو المخترع له وإنما هو كان ماهرا فيه، وقد ادّعى أنه لا يمكن معرفته إلّا بالكشف، فإذا صحّ مدّعاهم فلا فائدة في تقريره، لأنه إذا كان المقرر والمقرّر له مطّلعين فالتدبر تحصيل الحاصل، وإن كان المطلع أحدهما فتقريره لا ينفع الأخر وإلّا فهما يخبطان خبط عشواء، فسبيل العارف عدم البحث عن هذا العلم وعليه السلوك فيما يوصل إلى الكشف عن الحقائق، ومتى كشف له عن شئ علمه وسعى في ما هو أعلى منه»

قال: «ثم استشرت في ذلك الشيخ زين الدين الحافي بعد أن ذكرت له كلام الشيخ يوسف فقال: كلام الشيخ حسن وأزيدك أن العبد إذا تخلّق ثم تحقّق ثم جذب اضمحلّت ذاته وذهبت صفاته وتخلّص من السوىّ، فعند ذلك تلوح له بروق الحق بالحق فيطلع على كل شئ ويرى (٣٤٧) الله عند كل شئ فيغيب بالله عن كل شئ ولا يرى شيئا سواه، فيظن أن الله عين كل شئ، وهذا أول المقامات، فإذا ترقّى عن هذا المقام وأشرف عليه من مقام هو أعلى منه وعضّده التأييد الإلهى رأى أن الأشياء كلها قبض وجوده تعالى، لا عين وجوده، فالناطق حينئذ بما ظنه في أول مقام إما محروم ساقط وإما نادم تائب، وربما يفعل ما يشاء ويختار».


(٣٤٦) راجع عنه: الضوء ٤/ ٣٠٢، وابن حجر: إنباء الغمر ٣/ ٥٥٨ - ٥٥٩، المعجم الصغير رقم ٣١٤.
(٣٤٧) الجملة من هنا حتى «سواه» ساقطة من السليمانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>