للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحكى لي أن الشيخ (٣٤٨) صالحا الزواوى-شيخنا-حصلت له جذبة في بلاد مصر في خلوة اختلاها وخرج من الخلوة وقد فتح عليه مع الجذب، ثم قدم القدس-وقد تراجع قليلا-ومعه الشيخ يوسف الصفى يخدمه ويحمل نعله، وعكف عليه العلماء وغالب (٣٤٩) الناس؛ ثم قال: «إنه جاء إلىّ وأنا شاب وطلب منّى أن أجيزه فقلت: يا سيدي أنا أطلب ذلك منكم، فقال: لا بدّ من ذلك فأنى لم يحصل لي هذا الفيض إلّا من جدّك (٣٥٠) تاج العارفين، فإني رأيت واقعة، وأشار إلىّ إشارات، فحصلت الجذبة في تلك الليلة، فامتثلت أمره، وكتبت:

«الحمد للّه الذي جعل في كل وقت من يقوم بالوفا صالحا، وألهمه رشده إذ نجا مانحا، وأدرجه في سلسلة الفقراء الذين يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم فترى نور السعادة عليهم لائحا، وشفاه إذ أسقاه أبو الوفا بالوفا، فأشربه شربة يشربها من سكر سكره وما صحا، أحمده حمد من غدا في جنات جنات الفردوس غاديا ورائحا، وبشر بنشر عرف عرف فاحت منه في أريج الأرجاء نفحات نفحات المسك فغدا الكون منه فائحا، وأشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له شهادة يكون معتقدها في الميزان راجحا، والدليل إلى الفردوس بها واضحا، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله وصفوته وخليله، حلية (٣٥١) الأولياء وتاج العارفين، إمام الأتقياء وأمان الخائفين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وأنه كان لهم فاتحا، نبي بعثه الله رحمة من عنده، أخذ العهد والميثاق على آله وصحبه وجنده، وأوصى إلى أبى بكر الخليفة من بعده فكان من بعده لأمّته ناصحا، وبعد فقد ورد علىّ لزيارة القدس الشريف، الخيّر الصالح، العالي القدر المنيف، العالم العارف الناجح، سيدي الشيخ الصالح، ثم سألني في لبس الطريقة التي هي إن شاء الله إلى الجنة في الحقيقة، فتوقفت برهة تعظيما لقدره، ثم بادرت إلى ذلك امتثالا لأمره، وكنت أنا أولى بالسؤال وهو بالجواب، ولكن امتثال الأوامر من سلوك الآداب».


(٣٤٨) هو الشيخ صالح بن محمد بن موسى الرياحي المدوكالى المعروف بالزواوى، ولد سنة ٧٦٠ تقريبا بقرية مدو وكال من بلاد المغرب ثم قدم القاهرة، وسمع بالمدينة وجاور بها وحصلت له جذبة وزعموا أنه كان يسمع «تسبيح النحل» ثم أقام بمصر مع إجراء الرواتب عليه من الجوالى إلى جانب ما يصله من سلطان المغرب سنويا، ومات سنة ١٣٩، انظر الضوء اللامع ٣/ ١٢٠٧، البقاعى: الصغير ٢٧٨.
(٣٤٩) في تونس والسليمانية: «غاية الناس».
(٣٥٠) في تونس والسليمانية: «مدد جدك».
(٣٥١) في تونس والسليمانية: «جله».

<<  <  ج: ص:  >  >>