ست كراريس، وجواب فتيا في مسألة الحبس في التهمة، والامتحان على طلب الإقرار، وإطهار المال.
وأنشدني يوم الجمعة المذكور بالمكان هذه القصيدة الحائية المخمسة، يمدح بها النبي-ﷺ-وسبب نظمه إياها أن أباه اقترح عليه بيتين دو بيت (١) فعمل كل منهما بيتين ارتجالا. ثم قال له: اعمل ذلك من الأبحر، فعملا لذلك. ثم قال: بل اعمل قصيدة على مهلك. قال: فنظمت قصيدة نحو السبعين بيتا ولم أحفظها بالكتابة. فلما كان في حدود سنة أربعين وثمانمائة قيدت منها ما حفظته، وخمسته وزدت عليه أبياتا فقلت:
[الكامل]
ما بال سرّك بالهوى قد لاحا … وخفيّ أمرك صار منك بواحا
لفرط وجدك من حبيب لاحا … نمّ السقام على المحب فباحا
ونمى الغرام به فصاح وناحا
أو ما لجسمك ذاب من أوصابه … ورضى المتيم في رضا أحبابه
وإذا المتيم خاف هتك حجابه … رام اكتتام غرامه فوشى به
وجد أفاض المدمع الفضاحا
لم يبق منه الحب غير كآبة … ومدامع تبلى بديع كتابة
يأتي بكل براعة وغرابة … وذكا بمهجته لهيب صبابة
فصبا إلى نحو الحمى وارتاحا
إيجازه في شرحه وعتابه … كاف لكشف الحال عن إطنابه
ومتى يطيق تسترا مما به … صب يصوب جفونه لمصابه
بفراق من أسر الفؤاد وراحا
عرف الغرام بأنه من أهله … فثوى به متمسّكا بمحلّه
ميت تعود له الحياة بوصله … حاو لها في الشوق جامع أصله
يروي غرائب للغرام صحاحا
(١) الدوبيت: هو أحد فنون الشعر الملحون. راجع: العاطل الحالي والمرخص الغالي، ص ١ - ١٢٨،٣.