للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنشدني كذلك: [وافر]

اجز ببيع المبيع لمشتريه … عقيب تقابل لا رد فيه

وإن يك رده بخيار شرط … جره له ولمن يليه

وبيعك من يبيعك قبل قبض … كبيعك أجنبيا تتقيه

حدثني قاضي القضاة سعد الدين بن الديري عن ولد له صغير، مات في السنة الرابعة من عمره، بعجائب منها: أنه رأى وهو رضيع خاله يمسح بعض رأسه، فقال له بابا، ولم يكن يعرف من الكلام غيرها، فالتفت إليه فأشار إلى خاله وفعل برأس نفسه ما فعل خاله برأسه، فقلت: فكيف كان يفعل فنزع طاقيته ومسح رأسه جميعه كما يراني أفعل، هذا وعمره نحو ستة عشر شهرا.

ومنها أن بعض الأتراك رأى عليه ثياب حرير، فقال: ما هذا؟ أنتم تنهوننا عن الحرير وتفعلونه ﴿أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ﴾ (١)، يخاطبني. ثم التفت إلى الطفل وقال: يا سيدي هذه الآية ما هي في والدك، فقال: لا، هذه في أهل الكتاب. ومنها: أن فراشي المؤيدية كانوا يكنسون، فرأوا عبدا يريد أن يصلي، فقالوا: اذهب صلّ في غير هذا المكان حتى نكنسه، فقال: دعوني أصلي، فقالوا:

اذهب إلى غير هذا الموضع، فقال الطفل: ﴿أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى﴾ (٢)

وحكى أنه كان عندهم في القدس يهودي، وهو شاب طبيب منجم وكان حاذقا، وأنه حكى له عنه أنهم امتحنوه، فأخذوا له بول حمار في قنينة، وقالوا: انظر بول هذا العليل. فنظر فيه طويلا ثم قال: اذهبوا به إلى البيطار، وأنه قال: أنا أموت في هذه السنة، فكان كذلك.

قلت: وقريب من هذا، ما في فوائد المخلص من قصة ذلك اليهودي مع ابن عباس . ولما حدثته عما اتفق لي مع أهل السفينة التي كنت بها من جهة نفر منهم من أرواد (٣) -هم لرأس أبي محمد-وتكليمهم له بما يقارب الشرك أو هو شرك، قال لي: هذا شرك.


(١) سورة البقرة، الآية ٤٤.
(٢) سورة العلق، الآية ٩.
(٣) أرواد: بالفتح ثم السكون وواو وألف ودال مهملة. اسم جزيرة في البحر قرب قسطنطينية غزاها المسلمون وفتحوها في سنة ٥٤ هـ. انظر: معجم البلدان ١/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>