لم أنس إذ زارني ليلا وقد غفلت … عنا الوشاة وللأيام غلطات
وبت فيه لطيب الوصل مختلسا … وأطيب العيش بالمحبوب خلسات
في روضة زخرفت بالزهر جنّتها … وللغصون ثياب سندسيات
وبالتسلسل يجرى نهرها وله … بين الخمائل دورات ولفتات (١)
والماء قد رق معنى في ترقرقه … هذا وفيه من الأغصان قامات
يد النسيم أجادت صقله فصفا … كأنه لعروس الروض مرآة
والزهر في صفحات النهر ينثر من … ظوما وللورق في الأوراق سجعات
والطير بالدرس مشغول ولا عجب … جوامع الروض فيه أزهريات
والطل يبدع تدبيج الرياض وفي … طي النسيم لنشر الزهر هبّات
والغصن حل عقود الزهر منه وفي … خدّ الشقائق تحت الكشف شامات
والقضب منصوبة والدوح عالية … وفي الشحارير في الأغصان نقلات
والطير تصدح والأغصان تمرح وال … غدران تطفح فيها والمسرات
والروض قد عطّر الدنيا كأن له … من عرف فضل شهاب الدين نفحات
قاضى القضاة له بالفضل قد شهدت … مناقب كلها للسبق غايات
له يراع وعزم إن قضى ومضى … فللعدى والندى محو وإثبات
رشيد رأى أمين الشرع كم ظهرت … بالفضل منه أياد جعفريات
أحكامه عمريّات إذا نسبت … لكن له عزمات هاشميات
مهذب الرأي حاوي الفضل بحر ندى … ما لابتداء معاليه نهايات
صفاته في بيوت بالثنا رفعت … من المصابيح الأبيات مشكاة
كم طب في الناس من داء بحكمته … وكيف ولا له فيه الحميات
ما للمدائح إلا في مناقبه … حقيقة وهي في الغير استعارات
له أياد ببذل العرف قد عرفت … تعودت بالعطا والخير عادات
أقلامه ألفات للندى ألفت … لكن له في بحار الجود نونات
على الفضائل والإفضال قد قصرت … وكم لها في مجارى السعد مدات
هذا إمام الدنا فانظر مناقبه … ترى الرئاسات تتلوها السيادات
(١) بهامش الأصل مقابل هذا البيت، تعليق طويل بنفس خط الناسخ، مرتبط بالتعليق على القصيدة، فكتبناه في نهايتها وهو ساقط بأكمله من السليمانية.