قالوا: نرى الجود حتما لازما لأيا … دية فقلت أيادي حاتميات
[قالوا] (١): أصابعه كالنيل قلت لهم: … يبقى على النيل من هذا زيادات
قالوا: مواهبه كالقطر قلت: وهل … للقطر من لفظه تلك الحلاوات
قالوا: وأخلاقه كالروض قلت: وهل … للروض مثل أياديه سحابات
قالوا: نرى نسمات للقبول سرت … فقلت: هاتيك بالجدوى سريات
قالوا: وفي مدحه تبدى بدائع أب … يأت فقلت: وعن غيرى أبيّات
هذا هو العلم المرفوع سؤدده … وكم له نصبت بالسعد رايات
يا كعبة الجود يا ركن العفاة ومن … له على عرفات المجد وقفات
شهر الصيام يهنّيكم ويخبركم … بعتق مولى له بالفضل عادات
فكل منصب دين دون فضلكم … وكل علم لكم منه اقتباسات
خذها غريبة أوطان بكم أنست … فلا خلت منكم في المدح أبيات
تبسمت عن عقود بالثناء زهت … حسنا فهذى الثنايا اللؤلؤيات
ليست بنظم دعى في القريض له … نظم تشن به في الشعر غارات
واستجلها غررا رقت مقاصدها … وللقصائد منها اليوم جبهات
ودم على فلك العلياء مرتقيا … ما لاح نجم له بالسعد مرقاة
ولما أنشدها الشيخ الإمام قاضى القضاة ابن حجر؛ ظهرت على وجه قاضى القضاة أمارات الاتهام له بسرقتها، ولما فرغ من إنشادها شرع قاضى القضاة يحكى من بعض أخبار السارقين للأشعار، ففطن الدواليبى لذلك، فقال: يا مولانا إن كنتم تتهموني فيها فأنا أصنع غدا أخرى مثلها، فقال له قاضى القضاة: فيها أبيات لا شك أنها من نظمك.
وانصرف فقلت لقاضي القضاة: كأنكم اتهمتموه بها. فقال: لا أشك أنه سرقها. ثم تطلبت أنا ذلك فوجدت القصيدة بتمامها للشيخ علاء الدين المارديني، مدح بها قاضى القضاة نجم الدين عمر بن حجر بعد عزله من كتابه السر وأسقط منها أبياتا وعرفها، قوله في المخلص:
والروض قد عطّر الدنيا كأن له … من عرف نجم العلا والدين نفحات
عوض منه قوله: من عرف فضل شهاب الدين نفحات.
(١) في الأصل والسليمانية قلت. ولعل المثبت هو الصحيح مناسبة للسياق.