يا أهيل الحماء ربة خدر … قد سبتنا بخدرها والنقاب
أسرتنا بالحسن ثم تناءت … توارت عن ناظرى بحجاب
شغلتنا بالوجد شوقا إليها … فإليها معراج شوقى سرى بي
نقشت كفها بعندم (١) صدّ … فجعلن من دمع عيني خضابى
ألبستنا السقام درعا ولكن … ذاب قلبي والنوح قد صار دابى
لا منى عاذلى فصرت أنادى … خلّ عذلى فإن حسبي ما بي
لم يكن في الهوى معذب قلب … في الهوى قد أصابه كمصابى
أسرتنى الظبا بخط وهند … عجب منهما أولو الألباب
كيف كنا في البر يخشى لقانا … فأسرنا من برد عاب
عجبا تأسر الأسود ظبا … خلتهم كالو كواعب الأتراب
جردتنا اللحاظ منهم صفاحا … حين هزت قدودها كالحراب
فبقلبى من القدود طعان … ومن اللحظ لي أشد ضراب
عذبت مهجتي بطعن وضرب … وحلى لي في الحب مع ذا عذابي
يا لعمري أسد فرائس غيد إن … هذا منهن أمر عجاب
قال: وأنشدناه يوم الثلاثاء سابع شعبان من السنة بالمكان:
في هواك عن المحب سلى ما … بفؤادي من الهوى يا سليمى
سائلى الدمع عن فؤاد جريح … كان قدما من الغرام سليما
أترى بالوصال يرجع لي ما … عهد القلب من زمان قديما
كان عيش الوصال عيشا رطيبا … صيّرته الأيام عيشا ذميما
درست دار وصلنا ببعاد … صار جسمي من الغرام سقيما
سحّ دمعي على معالم خدى … صار للدمع فيه رسما مقيما
صرت في الحي والمنازل أنعى … لبعادى معالما ورسوها
لا منى عاذلى فصرت أنادى: … أنت في الحب لم تكن بي عليما
يا عذول المحب في الحب جهلا … لا تكن عاذلا علىّ ظلوما
إن في وصلهم نعيما مقيما … ونواهم عنى عذابا أليما
(١) العندم: شجر أحمر، وقال بعضهم هو دم الغزال بلحاء الأرطى يطبخان جميعا حتى ينعقد فتخضب به الجواري. انظر: لسان العرب، مادة (عندم).