للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عزل ونقل إلى قضاء طرابلس، وسيرته لا تزداد إلا شناعة. ثم عزل في أواخر تلك السنة، فحج وعاد إلى دمشق، ثم قدم القاهرة سنة ثلاث وأربعين فولى دمشق عن ابن قاضى شهبة، فاستمر بها قليلا. ثم ولى الونائى في رمضانها، ثم نفى السراج إلى حمص ثم إلى حلب فادعى أنه صنف بها كتابا سماه «مرشد الطالب إلى المذاهب والمطالب» في الفقه على نمط البدرين؛ وذكر فيه خلاف الأئمة الأربعة، ولما ذكر أوله ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً﴾ (١) قال: إن طهارة القلوب واجبة. فعمل مقدمة في التصوف، وختم الكتاب بخاتمة في أصول الدين، تأملت المقدمة والخاتمة وتأملت كثيرا من باب الطهارة، فرأيته نفيسا حسنا بعبارة مختصرة فائقة بحيث استكثرته عليه، وأما ما فيه من السجع في خطبته وغيرها فعلى عادة نظمه في الركاكة والسماجة. وابتدأ في شرح المنهاج للنووي، ثم قدم القاهرة في جمادى الآخرة سنة ست وأربعين يسعى في قضاء دمشق.

وهو رجل طوال طلق اللسان، لين الإقدام، شديد التهور، لا يبالي لما يقول ولا بما يفعل، ينظم القصائد الطوال يمدح بها الملوك وأكابر أهل الدولة بكلام أنزل درجه من السفساف وأقعد من اختراع الخراع. وهو مع ذلك يظن أنه لا مثل له في الحسن.

وجدت بخط الإمام برهان الدين الباعوني يتهكم عليه ما مثله: قال مولانا وسيدنا، قاضى القضاة شيخ الإسلام خاتمة المجتهدين سراج الدين الحمصي، يمدح المقر الأشرف المحبي صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية عظم اللّه شأنه-يعنى ابن الأشقر-ويهنئه بوظيفة كتابة الأسرار الشريفة، وهي من غرر قصائده:

قف بالديار وحى ذاك الناجي … فمراتع العشاق ثم فناج

فيها جمال لا مع مع أهيف … فاق الملاح بنوره الوهّاج

وبها المسرة والسرور وسعدها … حلّا القصور بحلية الديباج

ومقرها خير المقر بأشرف … أعلامه رفعت على الأبراج

ولا يزال منصوبا بلا خفض ولا كسر … وملكا شامل ................. (٢)


(١) الفرقان، الآية ٤٨.
(٢) بياض بالأصل مقدار كلمتين والجملة فإن البيت غير متزن عروضيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>