للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحج مرارا، أولها سنة ست وعشرين وثمانمائة، وجاور مرتين، وسافر إلى دمشق، وزار القدس والخليل، ووصل في الصعيد إلى قوص، ودخل الإسكندرية. وكتب الكثير بخطه الجيد، وهو كثير الإيثار للانقطاع عن الناس. وولى بعد سنة خمس وثلاثين تدريس مدارس بأسيوط؛ الشريفية، والفائزية، والبدرية الخضيرية ونظرها، فلم يتم له ذلك. فاستمر منقطعا على الاقتيات بالكتابة إلى أن بنى الأمير حاجب الحجاب [قراقجا] (١) الحسنى مدرسته (٢) بخط جامع بشتك، وجعله خطيبها وإمامها فكفاه مؤنة كبيرة.

لقيته سنة أربع وثلاثين وأجاز باستدعائى، وشافهنى بها، وانتقيت من أمالي الشيخ ولىّ الدين أبى زرعة العراقي أناشيد وقرأتها عليه، وأنشدني من لفظه نظمه كثيرا منه ما قاله، وقد كتب إليه صاحبنا البارع شهاب الدين بن المبارك شاه يطارحه في كريم:

تجاسر العبد حسب الإذن منك له … قد وراح من شيخه بالسعد مقرونا

ملّكت رقى أسديت من كرم … قد كنت عبدا رقيقا صرت مأذونا

يقبل الأرض التي بدت آمالنا لسماحتها يد الأطماع، وينهى أن تمسك بقوة الطباع وقال:

يا إماما أنت شرّف … ت المعاني والمعالي

لك وصف من الأحاجى … قد أتى مثل الغزال

فأجابه السيد ما أنشدنيه في شوال سنة ٣٧:

تأمل الطرف ما أهديت من أدب … أظهرته بعد ما قد كان مكنونا

وقد أجبت ولم أمنحك جائزة … بذا رضيت وما قدمت موزونا

وبعد فقد وقفت على ما شنف الأسماع وامتثلت المرسوم المطاع، وطارحت بميسور المستطاع. فقلت:

راق ما حاججت فيه … بكلام كاللآلى

قفت أو جوّدت نظما … مثقفا جاد بمال


(١) بالأصل: قراجا. والتصحيح من الضوء اللامع ٦/ ٢١٦.
(٢) وتعرف بجامع قراقچا الحسنى: وهو بشارع درب الجماميز. بناه الأمير قراقچا الحسنى الظاهري برقوق. انظر: الخطط التوفيقية ٥/ ١٧٦ - ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>