للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحدثنا-سنة تسع وثلاثين-أنه ما درس قط شيئا وإنما يحفظ بالتكرار والتأمل، وأنه إذا مرّ بشيء في المطالعة فإن [كان] له غرض في حفظه ألقى إليه باله وصرف نحوه همته فيحفظه وإلّا فلا.

وكان للعلامة الشيخ شمس الدين بن القطان بوالده اختصاص فأسند وصيّته إليه فلم ينصح له في تحفيظه الكتب وإرشاده إلى المشايخ (٢٩٢) والاشتغال حتى إنه كان يرسل بعض أولاده إلى كبار الشيوخ-مثل الشمس العسقلاني وغيره-ولا يعلمه بشيء من ذلك، فعاد الله عليه بالخير وتولى حسن تربيته بغير واسطة.

فحبب إليه معالى الأخلاق، فكتب الخط المنسوب الذي هو غاية في الرشاقة وآية في الحلاوة كأنه سلاسل الذهب، وأجيز به، وأخذ في طلب العلوم.

وأول اشتغاله سنة سبع وثمانين فعنى بالأدب علما وعملا، وما زال يتبعه خاطره حتى فاق أهل عصره فيه، ونظم الشعر الكثير: قصائد وغيرها فأجاد ما شاء حتى إنه لا يلحق في كثير من ذلك: رقة غزل، ورصانة مدح، ودقة معاني، وجلالة ألفاظ، وبراعة نكت، وتمكين قوافى، واستعمالا للأنواع التي فصلت في علم المعاني والبيان والبديع على أحسن وجه وأبدع أسلوب.

نثره مطرب، ونظمه مرقص تهتز [له (٢٩٣) النفوس] ومطولاته بأوقات الوصال الفضال، وتخجل من رقة شمائلها نسمات الأسحار، وتطرب من مقاطيعه المواصل قروض الأوتار، قال الحافظ الشيخ تقىّ الدين المقريزي إن البدر البشتكى-وكل شيخ في الأدب في زمانه-قال له هذه الطريقة التي هي جادة ابن حجر وابن الدمامينى ما كانت تقع للمتقدمين إلا نادرا. هذا مع الدين المتين والتخلّق بأخلاق السنة، مع حداثة السن وفراغ السر وكثرة الأموال.


(٢٩٢) بعدها في تونس «المشايخ» وهي تكرار لما سبق.
(٢٩٣) ما بين الحاصرتين ساقط من النسخ والإضافة من المحقق.

<<  <  ج: ص:  >  >>