للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدين المتين والصدق فى الأقوال والأفعال، وصار هو كلما زادوا فيه حبا يزيد عنهم بعدا، ووقعت له محنة وأى محنة. وهو أنه سعى فى وظيفة تدريس المدرسة الطيبرسية (١) الملاصقة لجامع الأزهر ودرّس بها، فسعى عليه فيها القاضى ولى الدين أحمد الأسيوطى وأخذ الوظيفة منه، وهو الذى استقر بعد هذا فى قضاة القضاة الشافعية فى دولة خشقدم فى سنة اثنتين وسبعين وثمانى مائة بعد شغور المنصب أياما عوضا عن قاضى القضاة بدر الدين أبى السعادات البلقينى (٢) واستمر فيها إلى هذا التاريخ - أعنى إلى سنة ثلاث وثمانين وثمانى مائة، مع أن صاحب الترجمة سئل من القاضى عبد الباسط أن يستقر فى مشيخة مدرسته فامتنع من ذلك، وكان عظيم الدولة فى عصره إذ ذاك - الصاحب جمال الدين يوسف بن كاتب جكم (٣) ناظر الجيش والخاص - يعظمه ويكرمه ويود لو يقبل منه شيئا من الدنيا، وأرسل إليه بعدة أشياء من ثياب ونقد وضحايا وغير ذلك على يد القاضى نور الدين البرقى الحنفى الذى كان فى خدمته فلم يقبل منه شيئا ورده إليه، وقد أشيع ما اتفق له مع أبى الخير النحاس وهو فى أوج عظمته لما توفى شيخنا شيخ الإسلام قاضى القضاة ابن حجر وخلّف عدة وظائف من جملتها تدريس فى التفسير بالقبة (٤) المنصورية، ورسم السلطان بها لصاحب الترجمة فامتنع على لسان المقر الكمال ابن البارزى (٥) كاتب السر رحمهما الله، فعرف السلطان ذلك فاحتدّ من الكمال، وبادر


(١) هى من إنشاء الأمير علاء الدين طيبرس الخزندارى نقيب الجيوش وجعلها مسجدا وقرر بها مدرسا ودروسا للفقهاء الشافعية ورخمها أحسن ترخيم وفرغت عمارتها سنة ٧٠٩ هـ، راجع المقريزى: الخطط ٢/ ٣٨٢.
(٢) السيوطى: نظم العقيان، ص ١٦٤.
(٣) السخاوى: الضوء اللامع ١٠/ ١٢١٢.
(٤) هى من إنشاء الملك المنصور قلاون الألفى الصالحى، وهى تجاه المدرسة المنصورية داخل باب المارستان المنصورى وهى معدة لإقامة الخدام المماليك المعروفين بالطواشية ولهم كل يوم ما يكفيهم من الخبز واللحم المطبوخ، انظر الخطط ٢/ ٣٧٩ - ٣٨١.
(٥) السيوطى: نظم العقيان، ص ١٦٨ - ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>