للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الخير النحاس وقال: «ضمان الشيخ علىّ، أنا أخليه يقبل» وتوجه إلى عند الشيخ بالمدرسة الظاهرية (١) القديمة بيبرس البندقدارى بعد المغرب، وكنت حاضرا عند الشيخ فإنى كنت ملازما لخدمته تارة أقرأ وتارة أحادثه فى أحوال التاريخ والأمم الماضية وحوادث الأيام والشهور والأعوام، حتى لما يريد يتنزه لا يفارقنى، وكنت فى صحبته وخدمته كما يحب وينبغى، فكان يأمرنى إذا ابتعت له من السوقة وغيرهم أن ابتاعه له بلفظ «بعت واشتريت»، وكان الشيخ عنده تواضع زائد للكبير والصغير والحقير والفقير والجليل، وبمجرد يدخل عليه أحد يقف له ويعظمه، وكان قد بلغ الشيخ أن السلطان احتد على المقر الكمالى بسبب أنه نقل عن الشيخ أنه ما قبل الوظيفة، وأن أبا الخير التزم للسلطان بقبولها له، فلما رآه الشيخ - وكان فى وسطه كمران (٢) - تحرك له وجلس وتكلم معه فى توليته لوظيفة التفسير بعد أن وعده أن يزيد معلومه بالجوالى فى كل شهر كذا وكذا دينارا وأشياء من هذا النمط، فأجابه بأنه لو أعطى مل هذه المدرسة ذهبا ليكذّب صاحبه - ويعنى به المقر الكمالى - ما فعل ذلك، وقام، ولم يقبل الشيخ شيئا.

ووليها الشيخ أبو الفضل المغربى المالكى، وقضيته أيضا لما عزم إلى سفر دمشق وشاوروا السلطان عليه امتنع وقال: «لابد أن يحضر إلى ويدعولى»، فغصبه المقر الكمالى على صعوده للسلطان، فطلع إليه يوم سفره وهو مكره، فقام له الملك الظاهر وعظمه وبجله وأكرمه، ودفع له مائة دينار فأخذها


(١) ابتدأ الظاهر بيبرس البندقدارى بعمارتها سنة ٦٦٠ وفرغ منها ٦٦٢ هـ وكانت بها خزانة كتب وبنى بجانبها مكتبا لتعليم أيتام المسلمين وأجرى لهم الجرايات والكسوة، انظر الخطط ٢/ ٣٧٨.
(٢) بفتح الكاف والميم حزام من جلد يشد حول الوسط، وقد ذكر Dozy:op.cit .،١،٤٨٨ بناء على عبارة واردة فى المقريزى بالسلوك، أنه كان - فى الدولة الأبوبية - يليسه الأمراء والعسكر والسلطان نفسه «من فوق القباء كمران بحلق وإبزبم».

<<  <  ج: ص:  >  >>