للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعى له وتوجه مسافرا، فلما وصل إلى خارج القاهرة عند رأس الحسنية إلا والفرس لعب به فسقط فانكسرت رجله، فاستمر منقطعا ورجله فى صندوق والأطباء يلاطفونه، حتى نفد ما أعطاه له الظاهر جقمق ولم يأكل منه فى جوفه لقمة واحدة.

وأما غير ذلك ممن قرأ عليه فمخدومنا رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى كاتب السر الشريف حفظه الله على المسلمين، والقاضى نجم الدين يحيى (١) ابن حجى وغيرهما من الأماثل والأفاضل والأعيان الذين صاروا شيوخا ومدرسين بالديار المصرية وغيرها. ومن محاسنه أنه ما وجد فى دار أحد من الأغنياء والرؤساء، وكان يودنى وبعظمنى، وقرأت عليه شرح العمدة للنسفى فى الأصول، وقرأت عليه العبرى وحضرت عليه قراءات كثيرة مفيدة بحضور الشيخ العلامة جمال الدين عبد الله الكورانى (٢) فإنه ما كان عند الشيخ أعظم منه ولا أمثل فإنه كان يبحث معه ويدقق ويشهد له بجزيل الفضل، وطار صيت صاحب هذه الترجمة بهذه الأوصاف الحسنة الجليلة فى الأقطار والأمصار، وفى الواقع فكان بوجوده فى الوجود تجمل (٣) زائد. وكان صاحب هذه الترجمة يعظم شيخنا شيخ مشايخ الإسلام المحيوى الكافيجى تعظيما جزيلا ويذكر أنه من أربعين سنة رأى حلقة طلبته بالبلاد أكثر من خمسين نفرا، وكذا كان الشيخ محيى الدين المذكور يعظمه ويصفه بالعلم الغزير والدين المتين، وما رأيت أنقى من ثيابه ولا أنظف منها ولا أبهى منها ولا أجمل من هيئته فإنه كان نحيفا لطيفا ظريفا عنده اصفرار من العبادة وكثرة الآلام، وكوسجا (٤) نقى الشيبة حسن اللفظ فصيح العبارة، وخادمه


(١) راجع ترجمته فى الضوء اللامع ٥/ ١٨٥.
(٢) السخاوى: الضوء اللامع ٥/ ١٨٥.
(٣) فى الأصل «تجملا زائدا».
(٤) الكوسج هو الأمرد الذى لا لحية له، انظر Dozy:op.cit.II،p .٤٩٨ ، وفى تاج العروس، نقلا عن شفاء الغليل «الكوسج عجمى معرب» وقال «قالوا من طالت لحيته تكوسج عقله»، انظر أيضا (كسبج). Lane:Lexicon،٧،Ip .٢٦٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>