للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالأستادارية فى دولة الملك الظاهر جقمق بعد استعفاء ابن الكويز منها فى سنة ست وأربعين وثمانى مائة عوضا عن ابن الكويز المذكور، ومن يومه نالته السعادة وأثرى وحصل من الحرمة الوافرة والكلمة النافذة والجاه العريض مالا نهاية له، وجمع من الأموال والأملاك والخدم ما لم يتّفق لأحد من أستاداريته فى عصره، بحيث أنه حاز (١) من المماليك مائتى مملوك وخمسين مملوكا، وباسم كل منهم جامكية ببيت السلطان ولحم وعليق وكسوة وأضحية، وغالبهم خاصكية وباسمهم الإقطاعات، وفيهم من صار أمير مائة مقدم ألف، لأن فيهم من تولى [وظيفة] ملك الأمراء بالوجه القبلى، وفيهم من عمل كاشف البحيرة.

وعمّر الجوامع العظيمة منها الجامع المجاور لبيته بالقرب من قنطرة الموسكى، ومنها الجامع الذى بالحبّانية، ومنها الجامع الذى ببولاق، وعدة أخر بالقرى والنواحى والضواحى والبلاد، وعمّر الحمامات الهائلة والدور المفتخرة العظيمة، وعمل معروفا زائدا فى الفضل من مغسل وأكفان ومواراة الميت برمسه من الحمالين والحفارين وغير ذلك، وصنع أيضا صنيعا جميلا فى الغلاء للفقراء من تفرقة خبز ودقيق وقمح لكل أحد بقدر ما يلائمه، وكان يحسن لذوى البيوت ويتفقدهم ووصوله التى يكتبها بخطه إذا كانت بمائة ألف أو بدرهم واحد لا تعوق الذرة الواحدة، ودانت له الدنيا وأقبلت عليه، وتاه وصال، وصار السلطان معه مسلوب الاختيار، ومن عارضه يصير السلطان خصمه وتروح روحه، وصار كل مارامه بلغه، ولم يزل على ذلك إلى أن مات السلطان الملك الظاهر جقمق وولى السلطنة بعده ولده الملك المنصور عثمان طلب منه شيئا ينفقه على العسكر فصمم على الامتناع فقبض عليه وصادره وأخذ منه ذهبا نقدا


(١) فى الأصل «حوى» ولعلها تصحيف «حوى»، وقد أثبتناها بالمتن ليستقيم المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>