للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الغنم المشوى والفوا كه والحلوى، وصار الخلق فى البحر حول مركبه وهم يدعون ويبتهلون لما عندهم من الفرح والسرور، وفتح فم البحر لما وصل إلى السد، وخلع على الوالى وعلى من له عادة من أمناء النيل وغيرهم، وركب للقلعة لحضرة السلطان فخلع عليه فوقانيا بطراز زركش، وقرر له فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش، وركب فى خدمته عدة من الخاسكية ورؤس النوب وتوجّه إلى داره فى جحفل عظيم وهو تك جسيم، وقصد السلطان بذلك جبر خاطره فإنه قاسى أهوالا شديدة فى أسر شاه سوار.

وتكرر ركوب السلطان وقلة العسكر فى خدمته إلاّ العدد القليل وأشاعوا أن المقر الأشرف الكريم العالى عظيم الدنيا الدوادار الكبير حفظه الله يستقر فى نيابة دمشق، فلا حقق الله ذلك ولا حرمنا فضله نحن والفقراء والمساكين.

ثم انثنى عزم السلطان - نصره الله - عن ذلك وصار الأمر بين اثنين: إما جانبك قلقسيز أو جانبك (١) الفقيه من ططخ، فقدر الله أن السلطان فى يوم الخميس خامس عشر من صفر الموافق لآخر مسرى القبطى طلب الأمير برقوق (٢) الناصرى الظاهرى جقمق، وخلع عليه واستقر به فى نيابة الشام عوضا عن بردبك البجمقدار بحكم وفاته. وهذه ولاية لم تعهد لمثله، فإنه من إمرة عشرة انتقل إلى شادّ الشراب خاناه، وانتقل من الشادية إلى إمرة مائة وتقدمة ألف، من التقدمة إلى نيابة الشام، وبكى وتمنّع فقلت: لعل هذا البكاء من الفرح كما قال الشاعر الأديب الباهر:

هجم السّرور علىّ حتى إننّى … من فرط (٣) ما قد سرّنى أبكانى


(١) راجع الضوء اللامع ٣/ ٢١١، وأمامها فى هامش المخطوطة «استقرار برقوق فى نيابة الشام».
(٢) راجع الضوء اللامع ٣/ ٤٩.
(٣) فى الأصل «عظم».

<<  <  ج: ص:  >  >>