على ذلك فإنى حكمت فيه على قاعدة مذهب الإمام الأعظم أبى حنيفة ﵁[حكما] ليس فيه شائبة فى سابع عشر رجب سنة أربع وسبعين وثمانى مائة، وأمرى وإياه إلى الله يحكم بيننا بعدله.
وكثر القال والقيل بين الخلق لعدم زيادة النيل مع أن الباقى عليه إصبع، ثم شاع أنه أوفى فلم يصح ثم نقص، وبادر الخزانون فى الغلال يخزنونها فعليهم من الله ما استحقوه. ولما بلغ أهل البلاد ذلك مسك الجالبون بيعهم وامتنعوا مطلقا، وبعد أن كانت المراكب على ساحل مصر وبولاق بالغلة رحلوا عنها إلى طرى وما فوقها لينظروا ماذا يتفق، فقدّر الله سبحانه من كرمه أن زاد فى يومه وأوفى الستة عشر ذراعا وإصبعين من الذراع السابع عشر، فعلق الستر فى آخر هذا اليوم الذى هو الثانى والعشرون من مسرى القبطى، السادس أو السابع عشر من شهر تاريخه، وتأخر هذا عن العام الماضى يومين فى الزيادة بواسطة مقطع انقطع بالجيزية يسمى مقطع الرّمل، وتوجّه إليه الأمير جانم دوادار عظيم الدنيا ومدبرها الدوادار الكبير وما مع ذلك وصحبته الأمير تغرى بردى الخازندار وقاسم المتحدث فى الوزر بطريق النيابة عنه، وأخذوا معهم جانبا كبيرا من الأخشاب وما شابهها لسدّه وخلقا ليساعدوهم، وكان البحر لما نقص رسم السلطان - نصره الله - للوالى أن يتوجه بأعوانه إلى الروضة ومصر وينادوا «أن أحدا لا يفعل منكرا ومن وجد عنده شئ من المنكر ينكّل به» فإن السلطان كان قبل ذلك - أعنى فى هذا اليوم - يركب ويتوجه إلى طرى ومصر فيصلى ويدعو الله بحسن العاقبة.
وأصبح يوم الخميس تاسع عشر فركب المقرّ الأشرف العالى السيفى جانبك قلقسيز أمير سلاح وتوجه إلى مصر حسب المرسوم الشريف، فنزل الحراقة وصعد المقياس وصلى على القاعدة المعهودة، ومد له المدة الهائلة