ودخلوا القصر السلطانى، فأفيضت الخلع على الأمراء والعساكر وقضاة القضاة وغيرهم على العادة، وكان يوما مشهودا فسبحان من خضعت لعزته العظماء من تلك ومن تلك، وأذعنت لأمره الحكماء من ملك ومن ملك، ولا ريب أن كل من ملك لله مملوك.
ووصل جماعة من علماء القدس الشريف وأجلهم أبو شريف بسبب مخاصمة وقعت بينهم وبين قاضى القدس وشيخ الصلاحية المسمى غرس الدين خليل أخى أبى العباس الواعظ. واختلف فى الحضور على أقوال، فقيل إن المقر الشرفى الأنصارى لما حضر عائدا من البلاد الشامية زار القدس الشريف فحضر إليه العلماء والفضلاء فجلسوا عنده، فجلس الشيخ أبو شريف عن ميمنة الأنصارى، وجلس غرس الدين القاضى عن ميسرته، ثم قال لأبى شريف كلاما معناه «إن هذا المجلس الذى جلست فيه مجلسى فقم منه» فأجابه بأن هذا مباح، وكان بينهما فتنة قديمة، فانتشر الكلام. واقتضى الحال - على ما بلغنى - أن عوام البلد هجموا على القاضى بيته وسبوا حريمه ونهبوا ما فيه، وكتبوا محضرا بأفعاله الذميمة وحضروا به إلى القاهرة، وأرسل القاضى كتابا بصورة الحال إلى السلطان وكتابا إلى عظيم الدنيا الدوادار الكبير - وهو يدعى أنه من جهته - وعرفهما بما اتفق له مع أهل القدس، فلما وصل خصومه تمكنوا من الوقوف بين يدى السلطان وتوجهوا لبيت عظيم الدنيا الدوادار الكبير حفظه الله، فحال وقوع بصره عليهم أمر بإخراجهم وبهدلتهم وهو معذور لما بلغه، فخرجوا على أقبح وجه.
وغير ذلك أن شخصا من أولاد التجار المبذرين ضيّع ما كان يملكه ويعرف بابن الناصرى، مات أبوه بالبلاد اليمنية أو الهندية وخلف بهذه البلدة دورا وأموالا وديونا له وعليه، وكان الولد غائبا بمكة [فلما] حضر ليأخذ تركة أبيه ويحتاط على موجوده وديونه وجد قاضى سكندرية المعروف بابن