جنيبات (١) أثبت على التركة مالا جزيلا لشخص، وأرسل حكمه إلى القاهرة فنفذه له الجلال البكرى الشافعى، وحضر التركة أمين الحكم إذ ذاك القاضى تاج الدين الإخميمى الشافعى، وكان قاضى القضاة محب الدين بن الشحنة الحنفى عليه للمتوفى نحو من ثلاثة آلاف دينار، وعلى المتوفى دين لشخص أكثر من ذلك، فدفعه له بحضور الجلال البكرى وحكم له وعليه بذلك وانفصل الحال وأخذ بيده مستندا. فلما حضر الوارث طلب تركة مورثه وشكى حاله لعظيم الدنيا الدوادار الكبير ووقف له مرات وذكر له:«أن القاضى ابن جنيبات - قاضى سكندرية - والقاضى جلال الدين البكرى أثبتا علىّ ما ليس له حقيقة، وأن المحب ابن الشحنة لمورثه عليه ثلاثة آلاف دينار، وأن القاضيين المذكورين صنعوا له صورة وضيعوا ما عليه من المال»، فطلب المحب أو وكيله فأرسل وكيلا عنه، وأظهر مستندا من يده يشهد ببراءة موكله، وطلب الشيخ جلال الدين البكرى فحضر ووقف من تحت المقعد وهدد ورسم عليه وأقام أياما فى الترسيم، ثم أرسل المقر الأشرف المذكور - حفظه الله - فأحضر قاضى سكندرية المشهور بابن جنيبات وأوقفه بين يديه وكلّمه وهدده ووبخه ورسم عليه، واستمر هو والقاضى جلال الدين البكرى فى الترسيم إلى أن رسم بطلوعهما بين يدى السلطان، فلما تمثلوا بين يديه وبمجرد وقوع نظر السلطان على الجلال البكرى قام إليه ونزل من أعلى الدكة وجلس على البساط وأكرمه وعظمه وقربه منه وأمر بجولسه بجانبه، وكذا رسم للقاضى تاج الدين الإخميمى ولابن جنيبات قاضى سكندرية بالجلوس. كل ذلك والأمير الدوادار الكبير - حفظه الله - يشاهد ذلك، ثم قال للجلال البكرى:
«أنت من أهل العلم ومن كبار الشافعية، فما حكم الله تعالى فى ذلك؟» فقال:
أنا نفذت حكم هذا القاضى» فقال:«على بركة الله».
(١) الضبط من ترجمته الواردة فى الضوء اللامع ٣/ ١١٦٢.