للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جعلوه مخزنا لمتاع الجمال ويخيطون فيه الزرابيل، وأنه منعهم من ذلك فتعصب عليه جماعة وأحضروا له رسلا من عند القاضى الشافعى ونائبه ابن مظفر وصار يشتكى ويستشكى، ومن جملة ما صدر منه الكلام واللغط أن قال: «أطلع إلى الله!!»، وسمع ذلك قاضى القضاة المالكية وأنكره وأراد أن يفعل معه الشرع فقال له بعض رفقته: «يبلغ السلطان فيقول تعصب القضاة عليه»، كل ذلك بجامع الفلعة، ثم طلبوا ودخلوا بالحوش السلطانى فهنّوا السلطان وجلسوا، فبادر المقر الأشرف الزينى ابن مزهر الأنصارى كاتب السر حفظه الله وقال لقاضى الحنفية:

«عرفت السلطان عن وقف بنت يشبك بن آقبردى تدخل عليكم حتى قررتموه نائبا عنكم وأنه لم يصرف لأحد من المستحقين شيئا ولا يوقفكم على حساب الوقف وأن سيدى عبد البر الذى توجه لحلب ما تكلم على الوقف المذكور، فلما بلغ المسامع الشريفة ذلك رسم على آقبردى ورسم بتجهيزه إليكم لتعملوا مصلحة المستحقين ويعمروا التربة من الفائض»، ثم خاطب رئيس الدنيا ابن مزهر المذكور حفظه الله قاضى الحنفية فقال له: «وقفت عجوز فى قفص حمال للسلطان بهذه القصة مضمونها أن لها استحقاق (١) فى نظر على وقف، وأن ثم من يعارضها وينازعها فى ذلك بغير طريق شرعى، وأن غريمها سألكم فى قصة تعينوها له فامتنعتم، ثم بعد ذلك عينتموها على الشيخ خير الدين السنسى» فقال القاضى المالكى: «هذه المرأة حضرلى غريمها بمكتوب مكشوط مظلم فما رضيت أعيبه» فقال له الحنفى: «مرسوم السلطان أنت تكلم فيه بنفسك»، وهذا بعد أن قال الحنفى للسلطان وللحاضرين إن كتابته على الفصة حياء مما سأل فى التعيين، وانصرفوا على أن لا يحكم فى هذا الوقف إلا القاضى الحنفى وإن توجهوا إلى غيره من القضاة فلا يحكم فيهم إلا قضاة القضاة، وقرءوا الفاتحة ودعوا وانصرفوا.


(١) هكذا فى الأصل وقد أبقيناها على صورتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>