ألزمه القاضى المذكور أن لا يطالبهم بنفسه ولا وكيله إلا بمستند شرعى بعد دعواهم فقال:«من السلطان» فقال له القاضى: «ولا من السلطان»، مع أن الخصم المذكور - كما قدمنا - من جهة السلطان نصره الله، فصعد لحضرة السلطان وأخبره بما وقع له وزاد ونقص، فطلب السلطان الشريف فلما مثل بين يديه قال له:«أنت معزول» وعدّد عليه ذلك. وكان السلطان فى حدة مفرطة بواسطة سعد عبد الأمير زين الدين، فإنه طلبه وسأله عن مال أستاذه فقال:«أنا عبد ولا يطلعنى على المال»، فنهض السلطان من مجلسه ولكمه ثلاث لكمات فسقط مغشيا عليه، وفعل [السلطان] بعبد الوهاب مباشر زين الدين المذكور كذلك، ورسم بسجن عبد الوهاب بالبرج وبسجن سعد فى الطشطخاناه، وبعيد إن وجدوا لزين الدين مالا.
ومما وقع من الحوادث فى الأحكام العجيبة أن شخصا شكى ولده عند المحتسب وادعى عليه بثلاثة آلاف دينار، فأنكر الولد ذلك وحلف ولم تقم عليه بينة، فرسم بحبسه ليدفع مالا فى جهته.
وفيها أن شخصا ادعى عند المحتسب على شخص بمال فأمر بوزن المال فى بابه وإلا يضربه، فتدخلوا على صاحب الحق فأفرج عنه ودخلوا بشاورونه عليهما، فاحتد وغضب كون خصمه أفرج عنه وصار يهدده إلى إن عاد يشكو من عنده أحد ليفعلن به ويتركن.
وفى هذه اليويميات توعك قاضى القضاة الحنبلى بعلة حلقه وضعف بدنه، وتوجه إليه غالب الأعيان.
يوم الإثنين ثامن (١) عشريه نودى بوفاة بدر الدين محمد سبط البلقينى
(١) فى الأصل «ثانى» ثم صححها المؤلف بخطه فى الهامش إلى ما أوردناه بالمتن.