وتوفى القاضى ناصر الدين محمد بن محمد بن عبد الله الزفتاوى القاهرى الشافعى أحد النواب بالديار المصرية فى ليلة الجمعة عاشره، وكان قد حفظ فى صغره «المنهاج» وعرض على جماعة منهم مجد الدين إسمعيل الحنفى والحافظ ولى الدين بن العراقى والهيثمى وابن الفصيح وغيرهم، وأجاز له ابن الملقن والأنباسى قطعة، وحدث، وسمع منه الفضلاء، وأخبرنا مخدومنا الشيخ الحافظ شمس الدين السخاوى أن البقاعى قرأ عليه بعد أن أطلق لسانه فيه، وصنف فيه جزءا سماه «أشلاء الباز، على ابن الخباز» وما علمت وصفه بابن الخباز لماذا، وكان ﵀ مزجىّ البضاعة من العلم، وبيننا وبينه صحبة، وسفر إلى الحجاز الشريف فى سنة أربعين وثمانى مائة أو بعدها لما كان الأمير تمر باى التمر بغاوى رأس نوبة النوب دوادارا ثانيا فى دولة الأشرف برسباى لما قرره أمير الحاج، وكان صاحب الترجمة إمامه. وكان ظريفا خليعا بسطا منادما كثير الحشمة، وعمره تخمينا نحو الثمانين سنة، ﵀ وعفا عنه.
وتوفى الشيخ شمس الدين محمد بن على بن جعفر بن مختار، الحسينى نسبا، القاهرى مولدا، الشافعى مذهبا. عرف «بابن قمر» ودفن من الغد بعد أن صلى عليه بمصلى باب النصر، وكان مولده بعد الثمانى مائة، ونشأ نشأة حسنة فحفظ القرآن واشتغل فى الفقه وأصوله والعربية وغيرها، وأذن له فى التدريس، وأقبل على الطلب، فسمع من جمع ورحل إلى حلب وما دونها فى طلب الحديث ولازم شيخنا شيخ الإسلام ابن حجر - رحمهما الله - ملازمة تامة فى المساء والصباح، وكتب أكثر مصنفاته وغيرها بخطه، وضبط أسماء الذين يحضرون السماع عنده وكان يحصل له بذلك شئ من الحطام، وقدمه للاستملاء عليه بعد وفاة مستمليه الشيخ رضوان وكان يميل إليه ويرفده بالعطاء والإحسان كثيرا، وأمّ بالخانقاه البيبرسية مدة فعرف بها، ولما توفى شيخنا المذكور