فى القاعة المذكورة قتلى، فاستمروا نحو ثمانية أيام فشاع وذاع نتنهم، فهرع الناس إليهم فوجدوهم مخنوقين وآلات الخمر وبعضه باق والنسوة عرايا، فركب الوالى ونائبه فدفنوهم ورسموا على من عرفوا قتلاهم، وكذا قبضوا على صاحب الملك فأخذوا منه شيئا من الحطام، ثم أشيع بعد أيام من العوام أنهم قبضوا على جماعة يبيعون فى أعيان القتلى وما صح ذلك، والله الولى والمالك.
يوم الاربعاء ثامن عشريه حضر ولد الناصرى نقيب الجيوش المنصورة اين أبى الفرج إلى قضاة القضاة الشافعى والحنفى والمالكى خاصة فإن الحنبلى من حين توفى من حادى عشر جمادى الأولى إلى تاريخه و [لمنصب] شاغر، وأخبرهم أن السلطان رسم للقضاة أن يحضروا بنوابهم بين يديه ليعرضهم.
وسبب ذلك أن السلطان لما عزل الشريف كمال الدين عند حضور مخدومه القاضى عبد البر من البلاد الحلبية، وكان الشريف لاقاه من قطيا وتكلموا فيهما عند السلطان، ووجدوا للقول مساغا فصالوا وطالوا، فما هان عزل الشريف على بيت الشحنة، فسعوا بكل طريق من الأمير تمر الحاجب ومن الأمير تنبك الدوادار الثانى ومن رئيس الدنيا ابن مزهر الأنصارى فتكلموا مع السلطان مرتين أو ثلاثا فما وافق على ذلك، فألحوا عليه حتى أن الأمير تمر المذكور قبّل رجل السلطان فرسم بعوده فأرسل رأس نوبته لبيت القاضى الحنفى وكذا الأمير الدوادار الثانى، فتوجه القاضى عبد البر بن الشحنة إلى بيت رئيس الدنيا ابن مزهر كاتب السر حفظه الله على المسلمين، وأخبره بما أرسل به الأميران إلى والده من رضى السلطان على الشريف وعوده إلى الحكم والاستبدالات، وسأله أن يسأل السلطان عن ذلك، فطلع فى يوم الاربعاء ثامن عشريه فوجد السلطان منشرحا فتكلم معه فى ذلك فاحتد وتغير وقام وقعد وغضب، وطلب والى الشرطة وأمره أن ينادى فى البلد حسب المرسوم