أرسله قبل ذلك المقر الأتابك قبل هذه المرة إليه فوجده فى نحو من ألفى نفر، ولا ذا بذاك، ولا عتب على الزمن.
وفى يوم الخميس الثامن والعشرين من ذى القعدة حضر إياس الطويل الذى كان نائب طرابلس فى دولة الظاهر خشقدم، وكان رسم له أن يتوجه لقبرص لقتال الفرنج صحبة الغزاة وتوجه ثم رجع من غير استئذان لرجوعه وحضر الدمياط، وبلغ الظاهر خشقدم ذلك فغضب عليه ورسم للسلطان - هذا الملك الأشرف أبو النصر قايتباى عز نصره - وكان إذ ذاك شاد الشراب خاناه أن أن يتوجه بالقبض عليه ويسجنه بسجن الإسكندرية، وقبض عليه وفعل ما أمر به، وأظهر إياس المذكور للسلطان الأشرف هذا - لما توجه إليه - السرور والابتهاج كون ما قدم عليه إلا من يحبه ويعظمه ويخدمه، واستمر بالحبس فشفعوا فيه عند السلطان أو ذكروه به فرسم بإطلاقه من مدة، وأن يكون بطالا بالشام فاستمر بها، ثم طلب إلى القاهرة فحضر فى هذا اليوم كما [١٧٤ ا] قدمناه وصعد إلى القلعة وقبل يد السلطان فتلقاه بالرحب والإكرام وخلع عليه كاملية مخمل أحمر بسمور بمقلب سمور، وقيد له فرس بسرج ذهب وكنبوش زركش، وأحضر له كرسى خشب عالى حتى ركب عليه الفرس من تحت المقعد بعد تعظيم عظيم، ونزل إلى دار يسكنها ليشغر له إقطاع أو نيابة وقد شاخ وكبر وهرم، وقد ذكرت ترجمته فى الحوادث فيما تقدم مفصلا؛ وأرسل الأمراء إليه خيولا وغير ذلك من الأقمشة.
واتفق فى ثالث الشهر أن سرق للقاضى يحيى الصفطى نقيب سيدنا قاضى القضاة المالكى من بيته الذى هو بجوار بيت الزمام فيروز النوروزى بالقرب من الجودرية مبلغ ذهب جملته ألف دينار وسبعة وثلاثون دينارا، وكان عماله توجهوا للخيام، ولا قوة إلا بالله. هذا رجل له سنون عديدة يخدم ويكتب