الكبير وكان الدوادار إذ ذاك الأمير جانبك الجداوى وكاتب السر جالس بإزائه، فتكلم [١٧٨ ا] صاحب الترجمة معه وقال: «العادة إذا خرجت ست يوم السبت من مكان أو دار يتبعها كبير ذلك المكان» فقال له الدوادار: «فالسلطان يتبعها؟» قال: «نعم»، فلما مضت الجنازة والدفنة صعد الدوادار المذكور للسلطان وأعلمه بما وقع فتكيف السلطان واحتد وكتب عدة فتاوى عليها خطوط العلماء مثل الشيخ أمين الدين الأقصرائى والشيخ محيى الدين الكافيجى وغيرهما بأن هذا الكلام لا يعبأ به وإن اعتقد صحة ذلك يقع فى كيت وكيت. ثم إن الأمير قانم من صفرخجا المؤيدى عارض الدوادار فى نقله ذلك عنه، فما ساع الدوادار إلا أن صبر عليه حتى صعد للسلطان وقال بحضوره وأقسم عليه برأسه أنه ما ذكر له ذلك، فقدر الله أن سكت وأذعن، فحصل له من السلطان نقده وعزله، وكان قد وزن خمسة آلاف دينار فى الوظيفة واقترض غالبها من عدة أقوام، فلما رأوه عزل شكوه وطالبوه بحقوقهم وضيقوا عليه فباع الغالى بالرخيص وأرضى خصومه واستمر بطالا بداره، وكان قد تسبب فى عزل أخيه وصعد للدوادار والسلطان فأخبرهما أن أخاه عجز عن القضاء وأنه ذهل، ووعد فى كتابة السر بثمانية آلاف دينار فعجل منها بخمسة وتأخر عليه ما بقى، فحصل لأخيه منه حصر زائد، فيقال إنه دعى عليه بالقهر فما مضى خمسة عشر يوما حتى قهر، وقد ذكرنا هذه المحنة فى الحوادث بأطول من هذا.
ثم ولى قضاء الحنفية بالديار المصرية عوضا عن قاضى القضاة محب الدين ابن الشحنة فأقام بها ستة شهور وعزل عنها بمن أخذها عنه مع أنه باشرها مباشرة حسنة سيما فى أوقافها، وبعد ذلك ما سلم من الخفة الزائدة، ثم ولى مشيخة المؤيدية ومزدادة، وسكن بقاعة المشيخة بالمدرسة المذكورة وصار