للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزار بيت المقدس ودخل دمشق فما دونها، وسافر إلى دمياط والمحلة وغيرهما من القرى، وله مآثر جميلة وأوصاف حميدة وسيرة صالحة، فمن مآثره الجميلة إنشاؤه سبيلا ومسجدا ببيته المجاور سر بيت الأمير تمر حاجب الحجاب، ومدرسته أيضا مجاورة لبيته المجاور لباب سر الصالحية ومدرسة أيضا مجاورة لإنشاء بيته الذى بشبرا الخيمة المطل على البحر من ضواحى القاهرة المحروسة إلى غير ذلك، وفى الواقع فما خلف بعده له نظير، وقد شهد له شيخنا شيخ الإسلام قاضى القضاة ابن حجر رحمهما الله بعد موت المحب البغدادى أنه عالم الحنابلة وعظمه فى عدة مواضع من مصنفاته كرفع الإصر عن قضاة مصر وغيره، وكذا ذكره الحافظ العلامة الشيخ شمس الدين السخاوى الشافعى فى الذيل الذى وضعه على رفع الإصر المذكور بترجمة عظيمة طويلة فمن أراد الوقوف عليها يراها (١).

وكان بارعا فى الأدب ويجب المداعبات والألفاظ الفصيحة، وكتب أشياء من ذلك الأصيل الخضرى ذكرناه فى وفاة أصيل المذكور وله نظم رائق وخط فائق إلا أنه كان يغلقه بحيث يصير عسر الفك من القراءة، وكتب الكثير من مؤلفاته تلميذه القاضى بدر الدين السعدى وانتفع به ورقاه ورباه وصيره أكبر نوابه لما ظهر له من الفهم المجيد والذكاء الوافر والعقل الباهر، وأذن له فى الإفتاء [١٨١ ا] والتدريس وصار هو المشار إليه فلقيه الشيخ وعظم قدره وترفع عن تعاطى الأخذ على الأحكام وصار يحضر عقود المجالس عند الأمراء وهو المشار إليه فى مذهبه وهو أقرب وأليق وأصلح لدخوله فى هذا الأمر بعد صاحب الترجمة لعقله وعلمه وخبرته بأحوال الناس، ومن نظم قاضى القضاة عز الدين فى لغات الأنملة والأصبع قوله:

وهمز أنملة ثلث وثالثة … والسبع فى أصبع واختم بأصبوع


(١) راجع هذه الترجمة فى السخاوى: ذيل رفع الإصر، ص ١٢ - ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>