للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الطلاب وغيرهم من الفقراء المحتاجين، وكان كثير التودد لأصحابه حلو المفاكهة غزير البشاشة مطبوعا على التواضع وهذا ديدنه إلى أن ولى قضاء الحنابلة بالديار المصرية مسئولا فى ذلك بعد وفاة القاضى بدر الدين البغدادى الحنبلى، واستمر على هذه الطريقة إلى أن توفى فى ليلة السبت الحادية عشرة من جمادى الأولى سنة تاريخه (١) وصلى عليه من الغد بسبيل المؤمنى لأجل أن السلطان سأل فى الصلاة عليه، ودفن بحوش الحنابلة المقابل لتربة كوكاى بالقرب من تربة السلطان الملك الأشرف إينال، والحوش فيه أسلافه وعلماء الحنابلة أيضا كالقاضى ابن العماد وغيرهم، وكانت له جنازة حافلة شهدها قضاة القضاة والعلماء والرؤساء وأرباب الوظائف، ولم يخلف بعده مثله، وصنّف وحدث، واشتهرت تصانيفه وكثرت حتى لم يدع علما إلاّ وصنف فيه، ودرس كما قدمنا بعدة أماكن كالشيخونية والمؤيدية الأشرفية وقبة الصالح والحاكم والبديرية وتداريس القضاء، وحج مرارا منها الحجة التى حج فيها [١٨٠ ب] صحبة المقر المرحوم الزينى عبد الباسط وأهدى (٢) له فى هذه السفرة أشياء من تحف ومن أصناف المأكولات والمشروبات فلم يقبل منها شيئا، وأرسل إليه الأمير جانى بك الدوادار الجداوى وصولا بقمح له جانب فأخذ الوصول لما علم أنه لا يرضى إلا بقبوله ولم يقبضه، فلما كان فى العام الآتى جهز إليه نظيره فأخرج للقاصد الوصول السابق وأعلمه بعدم قبوله شئ، وكذا أرسل إليه الظاهر خشقدم نقدات فما قبلها، وهذا السلطان الملك الأشرف أبو النصر قايتباى نصره الله وخلد ملكه فى العالمين رسم له بشئ فلم يقبله، وقيل إنه قبله وفرقه على الفقراء سرا من غير أن يعلم أحدا بتفرقته.


(١) جعل الضوء اللامع ج ١ ص ٢٠٧ س ١٢ وفاته سنة ٨٧٦ وكذلك فى ذيل رفع الإصر ص ٤٠.
(٢) يعنى بذلك أن الزينى عبد الباسط أهدى لصاحب الترجمة أشياء فأباها.

<<  <  ج: ص:  >  >>