للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنجاب لأنه مخنوق وخالفه جمع كثير من مصر والشام [١٨٢ ب] وهو لا يرجع عن ذلك لما قام عنده من الدليل فى صحة دعواه. وكان قد اشتهر بدمشق وصار عالمها ومفتيها، ومدار أمورها عليه وله صحبة تامة بالسلطان الملك الأشرف أبى النصر قايتباى عز نصره هو وأخوه الشيخ زين الدين عبد الرحمن والأمراء وأهل الدولة سيما رئيسها وعظيمها المقر الأشرف الكريم العالى الزينى ابن مزهر الأنصارى كاتب السر الشريف حفظه الله على المسلمين.

وكان جل قصده فى الحضور إلى مصر لأجل السلطان والمقر الزينى المذكور، وبلغنى أنه رشح لولاية قضاء الشافعية بالديار المصرية فلم يتهيأ له ذلك، ودخل القاهرة موعوكا بالحمى والباردة، ثم اختلف عليه الأطباء والأدواء وتصرفوا فيه فزاد المه وظهر سقمه ولزم الوسادة، فحصل له استسقاء فسافر به أخوه فى محفة إلى الشام بعد أن نصحه غالب الفضلاء والأحباب فى عدم السفر به، ومن جملة من ذكر له ذلك المقر الزينى ابن مزهر حفظه الله وبالغ حتى قال له بحضورى:

«أقم به هذا الشهر وجميع ما تكلفته على السفر أنا أدفعه لك» فما وافق، مع أن المقر المذكور ما ضبط عليه أنه كان يأكل وحده لما يحضر صاحب الترجمة وأخوه، مع وافر فضله وإحسانه العميم إليهما وقبول كلامهما فى جميع ما يرومانه (١)، وسافر به فحصل له تشويش على ضعفه من وعثاء السفر ولم يوافقهم على الإقامة حتى كان ما كان، وسافر صحبة سنباى بعد أن أرسل به لهما السلطان نفقة مائة دينار فى يوم الجمعة عاشر شوال من هذه السنة، فما كان إلا يوم الاثنين المبارك ثالث عشره [حتى] وصل الخبر بوفاة الشيخ نجم الدين ببلبيس ورجعوا به إلى القاهرة فدفن بتربة رئيس الدنيا المقر الأشرف الكريم


(١) فى الأصل «يروموه».

<<  <  ج: ص:  >  >>