«إعمل مصلحة السلطان بألف دينار ولى مائتى دينار وإلا»، فبلّغ اليهود ذلك فداروا على أهل المملكة والأعيان مثل سيدنا القاضى بدر الدين أبى البقاء وأخيه سيدنا المقر الزينى بركات بن الجيعان وغيرهما، فعرّفوا السلطان القضية مفصلة جزاهم الله خيرا، فأنكر ذلك وحلف على أنه لم يأمر به، وسأل من الوكيل عن ذلك فما ساعه إلا الإنكار، وأطلق اليهودى فى الحال، ولله المرجع والمآل.
وفى يوم الخميس رابعه ويوافقه من أيام الشهور القبطية [الخامس (١) من بشنس] طلب السلطان البدرىّ حسن بن الطولونى الذى كان فى خدمة المقر المرحوم السيفى يشبك من مهدى أمير سلاح الدوادار الكبير وسافر فى خدمته إلى البلاد المشرقية وأسر وسلب وخلص، وهو من أصحابنا ومخاديمنا وبيننا وبينه حضور فى عدة دروس للحنفية عند السادة المشايخ كالشيخ أمين الدين الأقصرائى ﵀، وكان لما حضر من الأسر وصعد للسلطان ألبسه سلاريا صوفا مفريا بسنجاب من ملابسه، واستمر ملازما لبيته ولدرس سيدنا العلامة شيخ الشيوخ الإمام البرهان الكركى - أسعده الله -، فساعده عند السلطان نصره الله، وسأل المقر السيفى تغرى بردى الأستادار خازندار المقر المرحوم يشبك من مهدى فيه مولانا السلطان أن يكون معلم المعلمين عوضا عن السائل فيه، فإنّ السلطان رسم للأمير تغرى بردى المذكور بالتكلم فى وظيفة المعلمية من حين وفاة المرحوم البدرى ابن الكويز، وهو يعلم أن مخدومه المرحوم السيفى يشبك من مهدى كان غرضه ذلك وكان يظهره ويتكلم به فى مجلسه؛ ولما بلغه موت ابن الكويز سأل البدرى فى الوظيفة فخلع عليه واستقر فى وظيفة معلمية المعلمين على عادته وعادة آبائه وأجداده وأسلافه، والوظيفة شاغرة من وفاة البدرى ابن الكويز من خامس عشر شعبان سنة خمس وثمانين وثمانى مائة، غير أن الأمير تغرى بردى
(١) التاريخ القبطى غير وارد فى الأصل، وقد أثبتناه بعد مراجعة التوفيقات الإلهامية، ص ٤٤٣.