للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عقد المجلس وقطع ما زاد عن العادة من راتب المماليك السلطانية وغيرهم، ونزل أكثر العسكر ساخطا (١) عليه، فكأنه أعان المقطع المذكور فى يوم سابع عشره على نفسه بما فعل من نزوله وقطع جوامك المماليك، ومع هذا كله فلم يتحرك فى الكون ساكن، ولم يقع فى هذه الأيام ما شوش عليه ولا كدره بوجه من الوجوه، فبالله ما أقبح وجه هؤلاء: أرباب التقويم وأكذبهم، والعجب فى ذلك أن الشخص يقول: أكذب مرة واحدة فى عمرى فيعد كذابا فى الدهر، ولا يقبل قوله فيما ينقله، وهؤلاء يكذبون فى الشهر المرة والمرتين، وهم على ذلك دوام الدهر، والناس يترددون إليهم ويسألونهم (٢)، مع عرفانهم بعدم معرفتهم، وهذا أغرب من الأول». انتهى كلام الجمال المذكور.

*** وفى يوم الاثنين العشرين منه فرقت الجامكية على الصفة التى تقدمت (٣) بحضور السلطان الملك الأشرف أبى النصر قايتباى نصره الله، نقد الناس وسيرهم وشرع يعطى كل أحد حقه وينزله منزلته، فإنه صار إذا رآى شخصا له معرفة بنوع من أنواع الفروسية وغيرها فيصفه بالوصف الحسن بحضرة العسكر وينصفه غاية الإنصاف، وإن كان الشخض بضد ذلك قطع جامكيته وترك كل شئ بحسب الحال، ويرسم له أن يكون طرخانا (٤)، ويصير يأخذ ذلك على وجه البر والصدقة، فلم يعجب هذا الفعل أحدا (٥) ممن قطع له


(١) فى الأصل «ساخط».
(٢) فى الأصل «ويسألوهم».
(٣) راجع ما سبق ص ٣٥ - ٣٦.
(٤) الطرخان هو الذى أعفى من وظيفته غير مغضوب عليه ولكنه مازال يأخذ جامكيته، انظر ابن إياس: بدائع الزهور، ص ٩ حاشية رقم ٦.
(٥) فى الأصل «أحد».

<<  <  ج: ص:  >  >>