للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسم السلطان للأمراء والأعيان بالركوب فى خدمته (١) وبين يديه، فهرعوا له زمرا زمرا وأفواجا أفواجا، ومع هذا كله لم يكن لحضور المنصور ودخوله القاهرة كبير أمر باعتبار أنهم ما احتفلوا بقدومه ولا بملاقاته بالنسبة لمقامه، فإنه فى الحقيقة أستاذهم وابن استاذهم، فانظر لهذه الدنيا وفعلها بملوكها والمغرمين بها، فسبحان الخالق المعطى الذى بؤتى الملك من يشاء، لا إله إلا هو جل وعلا.

وفى الواقع فما رأينا سلطانا أعظم ولا أضخم ولا أشهم ولا أفرس ولا [أكثر (٢)] توكّلا على الله من هذا السلطان الملك الأشرف نصره الله كونه يحضر من كان سلطانا وابن سلطان بل أستاذه وابن أستاذه إلى القاهرة ويصعد إليه لقلعة الجبل، وغالب من بالبلد من الأمراء والمماليك من عتقاء أبيه ومماليكه بعد أن خلع من الملك من سابع شهر ربيع الأول من سنة سبع وخمسين وثمانى مائة كما هو مسطور فى تاريخنا (٣) المقدم ذكره. وما رأينا فى الدول الماضية من وقع له مثل هذا إلا إن كان الملك العادل كتبغا المنصورى، فإنه أيضا خلع من السلطنة ثم ولى بعد ذلك نياية صرخد (٤) ثم نيابة حماه بعدها، ثم دخل بعد ذلك وفى أثنائه مسلما على الملك الناصر محمد بن قلاون فى سلطنته الثانية فى نيابة سلار وتحدث بيبرس الجاشنكير ثم عاد إلى حماه، وقد تقدم لنا أمر كتبغا هذا مفصلا فى تاريخنا الكبير المسمى «بنزهة (٥) النفوس والأبدان فى تواريخ الأزمان» فمن أراد الوقوف فليراجعه.

وفى الاثنين خامسه خلع على الأمير يشبك (٦) من جندر الأشرفى إينال


(١) أى فى خدمة الملك المنصور عثمان بن جقمق.
(٢) أضيفت هذه الكلمة لتستقيم العبارة.
(٣) يقصد بذلك نزهة النفوس والأبدان.
(٤) هى قلعة حصينة وولاية واسعة ملاصقة لبلد حوران، انظر مراصد الاطلاع ٢/ ٨٣٨ Dussaud:Topographie Historiq ue de la Syrie،pp.٣٦٦ et seq .
(٥) يقوم محقق هذا الكتاب بنشر نزهة النفوس (الأقسام المبتدئة يبرقوق).
(٦) السخاوى: الضوء اللامع ١٠/ ١٠٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>