للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان بفارسكور وخطب به قاضى القضاة ولى الدين الأسيوطى الشافعى كما تقدم ذلك، هذا والناس بالقاهرة فى أمر مرتج وقلق عظيم لعظم الغلاء ومخافة السبل والطرق، والمصيبة العظمى حزنهم على من مات لهم بالطاعون قبل تاريخه، والزيادة على ذلك قطع أضاحى الناس لسفر السلطان لأن المباشرين قطعوا غالب الأضحية، ولم يفرّق أحد (١) فى هذه السنة من الرؤساء والأمراء شيئا من الأضاحى اقتداءا بغيبة السلطان نصره الله، وكان هذا العيد أشبه الأشياء بالمأتم لما طرق الخلق من الحزن والكآبة وقبض الخاطر، وافتقر بسبب هذا الغلاء خلائق من الأعيان وغيرهم لطول مكثه بالديار المصرية، وقال الجمال يوسف بن تغرى بردى المؤرخ فى تاريخه: «هذا والسلطان دائر بتلك الأقاليم فى هوى نفسه، وأنه أخذ الأموال والتقادم من الناس حتى من كبار فلاحى البلاد، ويتوجه بنفسه إليهم حتى يأخذ تقدمتهم، ولم يكن فى سفرة السلطان هذه مصلحة من المصالح بل المضرة الزائدة ولا سيما على الفلاحين وأهل القرى، فإنهم شملهم ضرر الأعوان والضّرّيّة لأخذ الأحطاب، وكانوا إذا لم يجدوا حطبا أخذوا أبواب البيوت، وفعلوا ذلك بغالب الأرياف والطواحين وبالغوا حتى قالوا فعلوا ذلك بأبواب المساجد» انتهى كلامه.

قلت أقسم بالله لولا وجود هذا السلطان - نصره الله - فى الوجود وحرمته التى ملأت الأقطار والأمصار ودو سه البلاد وإرساله التجاريد ويقظته التامة لرأى الناس - والعياذ بالله - الموت عيانا.

وفى يوم الاثنين سادس عشره وصل الخبر للسلطان على جناح الطائر بأن قاصد حسن بك بن قرايلك الواصل إلى القاهرة صحبته رأس بوسعيد (٢) ملك


(١) فى الأصل «أحدا».
(٢) انظر العزاوى: تاريخ العراق بين احتلالين ٣/ ٢٣٠ - ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>