للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الأزل، ثم تبعوه بعد ذلك فلم يقفوا له على خبر ولا أمر، وقالوا إنه دخل إلى جبل القرص (١) وقيل دخل إلى الروم؛ وشرع (٢) العساكر بعد ذلك يفعلون فعلهم الأول من خراب البلاد والضياع ورعى المرعى وأخذ أموالهم وانتقالهم من موضع إلى آخر، حتى شمل الخراب غالب بلاده، ووقع الغلاء والقحط فى العسكر فجهدوا وأبيعت البقسماطة بثلاثة دراهم فضة، والعليقة من الشعير بأشرفى من الذهب، ووصل نعل الفرس إلى دينارين، ومات من المشاة عدد كثيرون فى كل يوم، فعند ذلك اجتمعت آراؤهم على عود العسكر إلى حلب فعادوا منصورين مؤيدين إلى أن وصلوا إلى مكان فيه طريقان (٣): طريق سهلة واسعة فيها بعيض بعد، وطريق ضيقة وعرة لا تسلك إلا شدة وفيها مخارج كثيرة يعرفها شاه سواه وعساكره، فاختار الأتابك أزبك التوجه من الطريق الضيقة فنهوه فلم ينته، وسار بقية القوم من الطريق الواسعة فلم يلقوا شرا.

وأما الأتابك أزبك والعساكر فأول من اجتاز منهم الطريق الضيقة إينال (٤) الأشقر نائب حلب وسلم، وانجرّت العساكر بعده شيئا بعد شئ، وبينما هم فى المضايق دهمهم شاه سوار على حين غفلة فعرقب الجمال السائرة بأحمالها، فاستدت الطرق وقاتل، وقاتل من بقى من العسكر يوما وليلة، وتوجه الأتابك أزبك إلى إحضار نجدة ممن ساروا فى الطريق الواسعة فلم يعودوا، وقاتل من بقى مع الأمير قرقماس أمير مجلس حتى قتلوا، وقتل الأمير قرقماس


(١) ربما كان المقصود بذلك الناحية الجبلية التى درست واسمها «جبل قارن» من أعمال طبرستان، انظر لى سترانج: بلدان الخلافة، ص ٤١٣.
(٢) فى الأصل «شرعوا».
(٣) فى الأصل «طريقين».
(٤) هو إينال اليجياوى الظاهرى جقمق، وكان شديد الجور على الناس فى ولايته، راجع السخاوى: الضوء اللامع ٢/ ١٠٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>