قال الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} [الفاتحة: ٥، ٦].
فأسعد الخلق أهل العبادة، وأهل الاستعانة، وأهل الهداية.
وأشقاهم من عدم ذلك.
والهداية: معرفة الحق والعمل به، فمن لم يجعله الله عالماً بالحق عاملاً به لم يكن له سبيل إلى الاهتداء.
فهو سبحانه المتفرد بالهداية الموجبة للاهتداء التي لا يتخلف عنها، وهي جعل العبد مريداً للهدى، محباً له مؤثراً له، عاملاً به.
فهذه الهداية بيد الله وحده، لا يملكها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فضلاً عن غيرهما.
وطلب هذه الهداية لا يكون إلا ممن هو قادر عليها وهي بيده، وهو الله سبحانه، إن شاء أعطاها عبده، وإن شاء منعه إياها لكونه ليس لها بأهل، ولا تليق به، وكل ذلك يجري وفق العلم والحكمة.
وكل إنسان خلق الله فيه قوتين:
قوة علمية .. وقوة عملية.
وسعادته موقوفة على استكمال هاتين القوتين.
واستكمال القوة العلمية يتم بخمسة أمور:
الأول: معرفة الرب تعالى، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله.
الثاني: معرفة الطريق الموصل إليه، وأنها ليست إلا عبادته وحده بما يحبه ويرضاه، واستعانته با لله على عبادته.
الثالث: أن يعلم أن العبد لا سبيل له إلى سعادته إلا باستقامته على الصراط المستقيم، ولا سبيل له إلى الاستقامة إلا بهداية ربه له، كما لا سبيل له إلى عبادته إلا بمعونته.