والمعاداة فيه، والحب فيه، والبغض فيه، والعطاء له، والمنع له، ولا عبودية ذل الأحوال والأرواح والقوى في جهاد أعدائه، ولا عبودية مفارقة الأهل والناس مع حاجته إليهم من أجل مرضاته سبحانه.
ولا يتحيز إليهم، وهو يرى محاب نفسه وملاذها بأيديهم، فيرضى بمفارقتهم وموالاة الحق عليهم.
فلولا الأسباب والأضداد التي توجب ذلك لم تحصل هذه الآثار النافعة.
وكذلك لولا تسليط الشهوة والغضب ودواعيهما على العبد، لم تحصل له فضيلة الصبر، وجهاد النفس، ومنها من حظوظها وشهواتها محبةً لله، وإيثاراً لمرضاته، وطلباً للزلفى لديه، والقرب منه.
وأيضاً فلولا ذلك لم تكن هذه النشأة الإنسانية إنسانية، بل كانت ملكية، فإن الله خلق خلقه أطواراً:
فخلق الملائكة عقولاً لا شهوات لها وجبلها على طاعته .. وخلق الحيوانات شهوات لا عقول لها .. وخلق الثقلين الجن والإنس .. وركب فيهم العقول والشهوات والطبائع المختلفة .. وهؤلاء هم أهل الامتحان والابتلاء .. وهم المعرضون للثواب والعقاب.
فخلق سبحانه الملائكة وطبعهم على الخير، وخلق الشياطين وطبعهم على الشر، وخلق الثقلين وجعلهما محل الابتلاء.
ولو شاء الله عزَّ وجلَّ لجعل خلقه على طبيعة واحدة، وخلق واحد، ولم يفاوت بينهم، ولكن ما فعله سبحانه هو محض الحكمة، ولو كان الخلق كله على طبيعة واحدة ونمط واحد لقيل هذا مقتضى الطبيعة، ولقيل كذلك لو كان الله فاعلاً بالاختيار لتنوعت أفعاله ومفعولاته، ولفعل الشيء وضده، والشيء وخلافه.
فتنوع أفعاله سبحانه ومفعولاته، من أعظم الأدلة على ربوبيته وحكمته وعلمه وقدرته.