للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دابة.

ولكنه سبحانه سبقت رحمته غضبه .. وعفوه انتقامه .. ومغفرته عقابه.

فله الحمد على عفوه وانتقامه .. وله الحمد على عدله وإحسانه.

والله عزَّ وجلَّ قادر على هداية خلقه كلهم، ولو شاء لفعل ذلك، لكمال قدرته ونفوذ مشيئته، ولكن حكمته تأبى ذلك، وعدله يأبى تعذيب أحد وأخذه بلا حجة.

فأقام سبحانه الحجة، وصرف الآيات، وضرب الأمثال، ونوع الأدلة، ليعرف سبحانه، وليقيم على عباده حجته البالغة: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)} [الأنعام: ١٤٩].

والله عزَّ وجلَّ هو الملك الذي كل ما في الكون ملكه، وحقيقة الملك إنما تتم بالعطاء والمنع .. والإكرام والإهانة .. والمثوبة والعقوبة .. والتولية والعزل .. وإعزاز من يليق به العزة .. وإذلال من يليق به الذل كما قال سبحانه: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)} [آل عمران: ٢٦].

والله تبارك وتعالى هو المحمود على ذلك كله.

وهو سبحانه المحمود على قضاء حاجات العباد، وعلى إجابة دعائهم، وعلى تصريف وتدبير ما في الكون كله: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)} [الرحمن: ٢٩].

فهو سبحانه كل يوم هو في شأن:

يغفر ذنباً .. ويفرج كرباً .. ويكشف غماً .. ويعطي سائلاً .. ويجيب داعياً .. وينصر مظلوماً .. ويأخذ ظالماً .. ويفك عانياً .. ويغني فقيراً .. ويشفي مريضاً .. ويجبر كسيراً .. ويعز ذليلاً .. ويرحم مسكيناً .. ويقيل عثرةً .. ويستر عورةً .. ويذهب بدولة .. ويأتي بأخرى .. ويرفع أقواماً .. ويضع آخرين .. فعال لما يشاء.

فله الحمد على كل ذلك حمداً كثيراً طيباً مباركاً، ملء السماء، وملء الأرض،

<<  <  ج: ص:  >  >>