فهما لا يستويان، فالذي يخضع لسيد واحد ينعم براحة الاستقامة والمعرفة واليقين، ووحدة الاتجاه، ووضوح الطريق.
والذي يخضع لسادة متشاكسين معذب لا يستقر على حال، ولا يرضي واحداً منهم فضلاً عن أن يرضي الجميع.
وهكذا حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك في جميع الأحوال.
فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد هو الذي يسير في هذه الحياة على هدى، لأن قلبه وبصره معلقان بإله واحد، يستمد منه الهدى والتوجيه، ويعتصم بحبله، لا يزوغ عنه بصره، ولا يتجه إلى غير فكره.
وبذلك تجتمع الطمأنينة وتتوحد، فالحمد لله الذي اختار لعباده طريق الأمن والإيمان، والراحة والطمأنينة، وطريق الاستقامة والاستقرار.
فهل يليق بالناس مع هذه النعمة الكبرى أن ينحرفوا عنه، ويقفوا بباب غيره؟ .. ويعرضوا عن باب الغني، ويقفوا بباب الفقير؟ .. وماذا يملك الفقير؟ وماذا يعطي؟ .. وماذا يملك العاجز للعاجز؟.
وهل يقضي الحاجات إلا الملك العزيز الجبار، الغني الكريم؟ الملك الذي كل شيء ملكه .. الغني الذي كل شيء في خزائنه .. العزيز الذي كل شيء تحت قهره .. الكريم الذي كل شيء من فضله .. العفو الغفور الذي يغفر الذنوب جميعاً .. الرحمن الذي يرحم الخلائق كلها .. التواب الذي يتوب على من أناب إليه .. الودود الذي يتحنن إلى عباده بنعمه .. الخلاق الذي خلق الكون وما فيه.
هو الأول الذي ليس قبله شيء .. الآخر الذي ليس بعده شيء .. الظاهر الذي ليس فوقه شيء .. الباطن الذي ليس دونه شيء .. العليم الذي لا يخفى عليه شيء: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ