إذا طلعت الشمس ميز الإنسان بين الذهب والحجر .. وإذا جاء نور الإيمان والتوحيد في القلب ميز العبد بين الكبير والصغير، والقوي والضعيف، ومن يستحق العبادة ممن لا يستحقها، وميز بين الدنيا والآخرة، ورأى كل شيء على حقيقته، ورأى الحق حقاً، ورأى الباطل باطلاً.
والتوحيد والإيمان حق الله على العباد، فينبغي تذكيرهم دائماً بهذا الحق. وقيمة الإنسان عند الله بإيمانه وتوحيده وصفاته لا بذاته، ففي المخلوقات من هو أكبر منه، وأقوى منه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأعْمَالِكُمْ» أخرجه مسلم (١).
وشريعة الله للبشر إنما هي جزء من تشريعه وتصريفه للكون، فالأوامر الكونية والشرعية للمخلوقات كلها بيد الله وحده، ومخالفة الأوامر الشرعية زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا.
وللعبد رب واحد هو ملاقيه، وبيت هو قادم إليه، فينبغي له أن يسترضي ربه قبل لقائه، ويعمر بيته قبل انتقاله إليه.
وإن من المؤسف حقاً أننا نقف ضد مرتكب الجريمة في حق المخلوق وهذا حق، ولا نقف ضد مرتكب جريمة الكفر والشرك في شأن أحكم الحاكمين، وهذا حق أكبر من ذلك وأوجب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩)} [الأنفال: ٣٩].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أُمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي