دِمَاءَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إلا بِحَقِّ الإسْلامِ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله» متفق عليه (١).
والمؤمن حقاً من جمع في كل وقت بين توحيد الربوبية، وتوحيد الإلهية:
فيشهد قيومية الرب تعالى فوق عرشه .. يدبر أمر عباده وحده .. يخلق ويرزق .. ويعطي ويمنع .. ويعز ويذل .. ويحيي ويميت .. ويدبر جميع الأمور في العالم العلوي والسفلي .. وما شاء الله كان .. وما لم يشأ لم يكن.
لا تتحرك ذرة إلا بإذنه .. ولا يجري حادث إلا بمشيئته .. ولا تسقط ورقة إلا بعلمه .. ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا أحصاه علمه .. وأحاطت به قدرته .. ونفذت به مشيئته .. واقتضته حكمته .. يفعل ما يشاء .. ويحكم ما يريد .. فهذا جمع توحيد الربوبية وشهوده.
وأما جمع توحيد الإلهية فهو أن يجمع قلبه وهمه وعزمه على الله .. ويجمع إرادته وحركاته على أداء حقه تعالى .. والقيام بعبوديته سبحانه .. فتجتمع شئون إرادته على مراد الله الديني الشرعي.
فإن العبد يشهد من قوله {إِيَّاكَ} الذات الجامعة لجميع صفات الكمال والجلال والجمال.
ثم يشهد من قوله:{نَعْبُدُ} جميع أنواع العبادة الظاهرة والباطنة التي أمر الله بها خلقه، والتي تؤديها جميع الكائنات في ملكه.
ثم يشهد من قوله: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)} جميع أنواع الاستعانة والتوكل والتفويض والتسليم لله.
ثم يشهد من قوله {اهْدِنَا} هداية الله له للعلم والإيمان .. وأن يقدره عليه .. ويجعله مريداً له، وأن يجعله فاعلاً له .. وإلا فهو غير قادر بنفسه .. وأن يثبته
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٢٥)، واللفظ له، ومسلم برقم (٢٢).