على ذلك .. وأن يصرف عنه الموانع والعوارض المضادة له .. وأن يهديه في الطريق نفسها هداية خاصة.
وأن يشهده المقصود في الطريق فيكون مطالعاً له في سيره.
وأن يشهده فقره وضرورته إلى هذه الهداية فوق كل ضرورة.
وأن يشهده الطريقين المنحرفين عن طريقها، وهما طريق أهل الغضب، الذين عدلوا عن اتباع الحق قصداً وعناداً بعد معرفته وهم اليهود، وطريق أهل الضلال الذين عدلوا عنها جهلاً وضلالاً بعد معرفتها وهم النصارى.
ثم يشهد جمع {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦)} في طريق واحد، عليه جميع أنبياء الله ورسله وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين.
فهذا هو الجمع الذي عليه رسل الله وأتباعهم، فمن حصل له هذا الجمع فقد هدي إلى الصراط المستقيم: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)} [النساء: ٦٩ - ٧٠].
وأول ما يتعلق القلب بتوحيد الربوبية .. ثم يرتقي منه إلى توحيد الإلهية .. والله عزَّ وجلَّ يدعو عباده في كتابه بهذا النوع من التوحيد إلى النوع الآخر .. ويحتج عليهم به .. ويقررهم به .. ثم يخبر أنهم ينقضونه بشركهم به في الإلهية كما قال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (٨٧)} [الزخرف: ٨٧].
فأين يُصرفون عن شهادة أن لا إله إلا الله، وعن عبادته وحده، وهم يشهدون أنه لا رب غيره، ولا خالق سواه.
فجميع الخلق مقهورون تحت قبضة الله، وما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابعه، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه، فالقلوب كلها بيده، وكلها مملوكة له، مكشوفة كغيرها له.
من يهده الله فلا مضل له .. ومن يضلل فلا هادي له .. يهدي من يشاء بفضله ورحمته، ويضل من يشاء بعدله وحكمته، هذا فضله وعطاؤه .. وهذا عدله