للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما خوف أولئك من مكره فحق، فإنه يخافون أن يخذلهم بذنوبهم وخطاياهم، فيصيروا إلى الشقاء.

فخوفهم من ذنوبهم، ورجاؤهم لرحمة ربهم.

أما قوله سبحانه: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩)} [الأعراف: ٩٩].

فهذا إنما هو في حق الكفار والفجار، ومعناه: فلا يعصي ويأمن مقابلة الله له على مكر السيئات بمكره به إلا القوم الخاسرون.

والذي يخافه العارفون بالله من مكره أن يؤخر عنهم عذاب الذنوب، فيحصل لهم نوع اغترار، فيأنسوا بالذنوب، فيأتيهم العذاب على غرة وفترة قبل التوبة.

أو أن يغفلوا عنه، وينسوا ذكره، فيتخلى عنهم، فيسرع إليهم البلاء والفتنة، فيكون مكره بهم تخليه عنهم.

أو أن يعلم سبحانه من ذنوبهم، ما لا يعلمون من نفوسهم، فيأتيهم المكر من حيث لا يشعرون.

أو يبتليهم ويمتحنهم بما لا صبر لهم عليه فيفتنوا به وذلك مكر.

هذا خطر الجهل بأسماء الله وصفاته، يولد مثل هذه الطامات، والقول على الله بلا علم، وظن الناس بربهم غير الحق.

فماذا ينتظر هؤلاء من العقوبة؟

{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤)} [الأنعام: ١٤٤].

وأما الجهل بدين الله وشرعه، فقد نشأ بسببه من البدع والمخالفات ما عمَّ وطمَّ، وبلغ السهل والجبل.

والناس متفاوتون في ذلك، فمن الناس من يعبد الله مخلصاً لكن على جهل، ومنهم من ابتدع في الدين عبادات لم يشرعها الله ورسوله، فصارت عبادات يتقرب بها الجاهلون إلى الله، ويدافعون عنها، ويعادون من أنكرها عليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>