للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلمة الله.

ولما جاء الإسلام ذهب الكفر، ولما جاء الحق زهق الباطل.

وذهاب الإسلام يكون على يد أربعة أصناف من الناس:

صنف لا يعملون بما يعلمون .. وصنف يعملون بما لا يعلمون.

وهذان الصنفان فتنة لكل مفتون، فالأول العالم الفاجر، والثاني العابد الجاهل، والناس إنما يقتدون بعلمائهم وعبادهم، فإذا كان العلماء فجرة، والعباد جهلة، عمت المصيبة بهما، وعظمت الفتنة على العامة والخاصة، فليحذر العبد من هؤلاء، ولا يخالف قوله فعله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢)} [الصف: ٢].

والصنف الثالث: الذين لا علم لهم ولا عمل، وإنما هم كالأنعام السائمة كما قال الله عنهم: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)} [الفرقان: ٤٤].

والصنف الرابع: الذين يمنعون الناس من العلم والعمل، ويثبطونهم عنهما، وهؤلاء هم نواب إبليس في الأرض، وهم أضر على الناس من شياطين الجن.

وهؤلاء كالسباع الضارية، ومَنْ قبلهم كالأنعام السائمة.

والله حكيم عليم، يستعمل من يشاء في سخطه، كما يستعمل من يحب في طاعته، والله أعلم بمن يصلح لهذا، ويصلح لهذا.

والله عزَّ وجلَّ أعطاك السمع والبصر والعقل .. وعرفك الخير والشر .. وبين لك ما ينفعك وما يضرك، وأرسل إليك رسوله، وأنزل عليك كتابه، ويسره للذكر والفهم والعمل .. وأعانك بمدد من جنده الكرام يحفظونك ويثبتونك، ويحاربون عدوك.

أمرك الله بشكره لا لحاجته إليه، بل لتنال به المزيد من فضله.

وأمرك بذكره، ليذكرك بإحسانه إليك، وأمرك بالسؤال ليعطيك، بل أعطاك أجلَّ العطايا بلا سؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>